259

============================================================

19 سمعت بعض العارفين يقول كلاما دقيقا كوشف به فقال: الحديث فى باطن الإنسان، والخيال الذى تراءى لباطنه ويخيل بين القلب وصفاء الذكر: هو من القلب وليس هو مسن النفس.

وهذا بخلاف ما تقرر. فسألته عن ذلك، فذكر أن بين القلب والنفس مناغاة ومحادثات وتالفا وتوددا وكلما انطلقت النفس فى شىء بهواها من القول أو الفعل تأثر القلب بذلك وتكذر؛ فإذا عاد العبد من مواطن مطالبات التفس، وأقبل على ذكره ومحل مناجاته وخدمته لله تعالى أقبل القلب بالمعاتبة للنفس، وذكر النفس شيئا من فعلها وقولها كاللائم للنفس والمعاتب لها على ذلك.

فإذا كان الخاطر أول الفعل ومفتتحه فمعرفته من أهم شأن العبد، لأن الأفعال من الخواطر تنشأ، حتى ذهب بعض العلماء إلى أن العلم المقترض طليه بقول رسول الله طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة، هو علم الخواطر، قال: لأنها أول العقل، ويفسادها فساد العقل.

وهذا لعمرى لا يتوجه؛ لأن رسول الله للل أوجب ذلك على كل مسلم، وليس كل المسلمين عندهم من القريحة والمعرفة ما يعرفون به ذلك، ولكن يعلم الطالب أن الخواطر يمثاية البذر فمنها ما هو بذر السعادة ومنها ما هو بذر الشقاوة وسبب اشتباه الخواطر أحد أربعة أشياء لا خامس لها: اما ضعف اليقين، أو قلة العلم بمعرفة صفات النفس وأخلاقها، أو متابعة الهوى بجرم قواعد التقوى، أو محبة الدنيا جاهها ومالها وطلب الرفعة والمنزلة عند الناس.

فمن عصم عن هذه الأربعة: يقرق بين لمة الملك ولمة الشيطان. ومن إيتلى بها: لا يعلمها ولا يطلبها وانكشاف بعض الخواطر دون البعض، لوجود بعض هذه الأربعة دون البعض.

وأقوم الناس بتمييز الخواطر أقومهم بمعرفة النفس، وبمعرفة النفس، ومعرفتها صعبة المثال لا تكاد تتيسر إلا بعد الاستقصاء فى الزهد والتقوى.

واتفق المشايخ على أن من كان أكله من الحرام لا يفرق بين الإلهام والوسوسة.

وقال أبو على الدقاق من كان قوته معلوما لا يفرق بين الإلهام والوسوسة.

مخ ۲۵۹