246

============================================================

فاختار قوم منهم أثه عرض، وقوم منهم آنه جسم لطيف كما ذكرنا، واختار قوم آنه قديم لأنه أمر، والأمر كلام، والكلام قديم.. فما أحسن الإمساك عن القول فيما هذا ييله وكلام الشيخ أبى طالب المكى فى كتابه يدل على أنه يميل إلى أن الأرواح أعيان فسى الجسد.. وهكذا النفوس؛ لأنه يذكر أن الروح تتحرك للخير، ومن حركتها يظهر نسور فى القلب يراه الملك فيلهم الخير عند ذلك، وتتحرك للشر ومن حركتها تظهر ظلمة فى القلب، فيرى الشيطان الظلمة قيقبل بالإغواء.

وحيث وجدت أقوال المشايخ تشير إلى الروح أقول: ما عندى فى ذلك على معنى ما ذكرت من التأويل دون أن أقطع به، إذ ميلى فى ذلسك إلى السكوت والإمساك، فأقول والله أعلم: الروح الانسانى العلوى السماوى من عالم الأمر، والروح الحيوانى البشرى من عالم الخلق، والروح الحيوانى البشرى محل الروح العلوى ومورده، والروح الحيوانى جسمانى لطيف حامل لقوة الحس والحركة، ينبعث من القلب، أعنسى بالقلب هاهنا: المضفة اللحمية المعروفة الشكل، المودعة في الجاتب الأيسر من الجسد، وينتشر فى تجاويف العروق الضوارب، وهذه الأرواح لسائر الحيوانات، ومنه تفيض قوى الحواس، وهو الدى قوامه بإجراء سنة الله بالغذاء غاليا، ويتصرف بعلم الطسب فيه باعتدال مسزاج الأخلاط، ولورود الروح الإنسانى العلوى على هذا الروح تجنس الروح الحيوانى وما بين أرواح الحيوانات، واكتسب صفة أخرى فصار تفسا محلا للنطق والإلهام. قسال الله تعالى: وتفس وما سؤاها. فألهمها فجورها وتقواها(1) فتسويتها بورود الروح الإنسانى عليها، وانقطاعها عن جنس أرواح الحيوانات، فتكونت النفس يتكوين الله تعالى من الروح العلوى وصار تكون النفس التى هى الروح الحيوانى من الآدمى من الروح العلوى فى عالم الأمر، كتكؤن حواء من آدم فى عالم الخلق.

وصار بينهما من التألف والتعاشق كما بين آدم وحواء، وصار كل واحد منهما يذوق الموت بمفارقة صاحبه. قال الله تعالى: (وجعل منها زوجها ليسكن إليها(2) فسكن آدم الى حواء، وسكن الروح الإنسانى العلوى إلى الروح الحيوانى وصيره نفسا، وتكون من (1) آية رقم 8 من سورة الشمس.

(2) آية رقم 189 من سورة الأعراف.

مخ ۲۴۶