============================================================
2 ويكون الوجذ تارة من فهم المعانى يظهر، وتارة من مجرد النغمات والألحان، فما كان من قبيل المعانى ثشارك النفس الروح فى السماع فى حق المبطل ويشارك القلب الروح فى حق المحق.
وما كان من قبيل مجرد النغمات تتجرد الروح للسماع، ولكن فى حق المبطل نمترق النفس السمع ، وفى حق المحق يسترق القلب السمع.
ووجه استلذاذ الروح النغمات: أن العالم الروحاتى مجمع الحسن والجمال، ووجود التناسب فى الأكوان مستحسن قولا وفعلا، ووجود التناسب فى الهياكل والصور ميراث الروحانية، فمتى سمع الروح النغمات اللذيذة والألحان المتناسبة تأثر يه؛ لوجود الجتسية، ثم يتقيد ذلك بالشرع لمصالح عالم الحكمة، ورعاية الحدود للعبد عين المصلحة عاجلا وآجلا.
ووجه آخر: إنما يستلذ الروح النغمات، لأن النغمات بها يطق النفس مع الروح بالايماء الخفى إشارة ورمزا بين المتعاشقين، وبين التفوس والأرواح تعاشق أصلى ينزع ذلك إلى أنوثة النفس وذكورة الروح، والميل والتعاشق بين الذكر والأنثى بالطبيعة واقع، قال الله تعالى: (وجعل مثها زوجها ليسكن إليها)(1) وفى قوله تعالى: (( منها) إشعار بتلازم وتلاصق موجب للائتلاف والتعاشق ، فالنغمات يستلذها الروح، لأنها مناغاة(2) بين المتعاشقين وكما أن فى عالم الحكمة كوئت حواء من آدم، ففى عالم القدرة كونت النفس من الروح الروحانى، فهذا التألف من هذا الأصل، وذلك أن النفس روح حيوانى تجنست بالقرب من الروح الروحانى، وتجئسها بأن امتازت من أرواح جنس الحيوان بشرف القرب من الروح الروحانى فصارت نفسا.
فإذن تكون النفس من الروح الروحانى فى عالم القدرة كتكون حواء من آدم فى عالم الحكمة ، فهذا التآلف والتعاشق ونسبة الأنوثة والذكورة من ها هنا ظهر، ويهذا الطريق استطابت الروح النغمات، لأتها مراسلات بين المتعاشقين ومكالمة بينهما، وقد قال القائل: تكلم منسا فى الوجوه غيوئنا فنحن سكوت والهوى يتكلم(3 (1) آية رقم 189 من سورة الأعراف.
(2) المراد بالمتاغاة هنا المكالمة والمناجاة وفى اللغة معناها ملاعبة الحبيب.
(3) وقبل ذلك البيت: ثشير فادرى ما تقول بطرفها واطرق طرفى عند ذاك فتغلم
مخ ۲۴