============================================================
ولعل المنكر يقول : هل المحبة إلا امتثال الأمر؟ وهل يعرف غير هذا، وهل هناك إلا الخوف من الله تعالى؟ وينكر المحبة الخاصة التى تختص بالعلماء الراسخين والأبدال المقريين.
ولما تقرر فى فهمه القاصر أن المحية تستدعى مثالا وخيالا، وأجناسا وأشكالا أنكرمحبة القوم، ولم يعلم أن القوم بلغوا فى رتب الإيمان إلى أتم من المحسوس، وجادوا من فرط الكشف والعيان بالأرواح والتفوس.
روى أبو هريرة، رضى الله تعالى عنه، عن رسول الله أنه ذكر غلاما كان فى بنى إسرائيل على جيل فقال لأمه : من خلق السماء؟ قالت : الله قال: من خلق الأرض؟ قالت: الله، قال: من خلق الجبال؟ قالت: الله قال: من خلق الغيم؟ قالت: الله، فقال: إثى أسمع لله شأئا، ورمي بنفسه من الجبل فتقطع.
فالجمال الأزلى الإلهى منكشف للأرواح غير مكيف للعقل ولا مفسر للفهم؟ لأن العقل موكل بعالم الشهادة لا يهتدى من الله سبحاته إلا إلى مجرد الوجود، ولا يتطرق إلى حريم الشهود المتجلى فى طى الغيب المنكشف للأرواح بلا ريب، وهذه الرتبة من مطالعة الجمال رتبة خاصة، وأعم منها من رتب المحبة الخاصة، دون العامة، مطالعة جمال الكمال من الكبرياء والجلال، والاستقلال بالمتح والنوال، والصفات المنقسمة إلى ما ظهر منها فى الآباد ولازمت الذات فى الآزال.
فللكمال جمال لايدرك بالحواس، ولا يستتبط بالقياس، وفى مطالعة ذلك الجمال أخذ طائفة من المحيين خصوا بتجلى الصفات، ولهم بحسب ذلك: ذوق، وشوق، ووجد، وسماع.
والأولون منحو قسطا من تجلى الذات فكان وجدهم على قدر الوجود، وسماعهم علسى حذ الشهود.
وحكى بعض المشايخ قال: رأيتا جماعة ممن يمشون على الماء والهواء، يسمعون السماع، ويجدون به، ويتولهون(1) عنده.
(1) يتحرون
مخ ۱۵