عصر نهضت: لنډه معرفي
عصر النهضة: مقدمة قصيرة جدا
ژانرونه
بدأ السير فرانسيس بيكون - الذي شارك جاليليو رفضه لأرسطو - في الدفاع عن الملاحظة التجريبية في التحليل العلمي. وبحلول عام 1620، كان بيكون يدعو إلى «تجديد عظيم» للتعليم، حيث «لا تعود الفلسفة والعلوم هائمة في الهواء، بل تستند إلى الأساس الصلب للتجربة من كل نوع، وتحظى بالفحص والتقدير». وقدم كتاب بيكون «الأورجانون الجديد» دحضا مباشرا لكتاب أرسطو «الأورجانون»؛ أو أداة التفكير العقلاني، والذي استلهم منه بيكون عنوان كتابه. وقد دافع أرسطو عن استخدام القياسات المنطقية في التفكير المنطقي، حيث يستدل بصورة منطقية من فرضيتين غير قابلتين للجدل (مثلا: أن كل البشر فانون، وأن كل اليونانيين بشر) استنتاج محدد (كل اليونانيين فانون). في هذا النظام الفلسفي تعتبر النظرية وعلم البلاغة أكثر موثوقية من الممارسة أو التجربة. لكن بيكون قلب هذا المخطط رأسا على عقب؛ مؤكدا على أن فرضيات أرسطو الأساسية المقبولة تتطلب تحقيقا، وما أطلق عليه:
منطق جديد يعلم الاختراع والحكم بواسطة الاستقراء (مثل اكتشاف أن القياس المنطقي غير صالح لعلوم الطبيعة)، ومن ثم يجعل الفلسفة والعلوم معا أكثر صحة ونشاطا.
لقد قدم بيكون رؤية جديدة تماما للمعرفة العلمية قائمة على التجميع الدقيق للبيانات الطبيعية استنادا على الملاحظة والتجربة والاستقراء؛ أي استنتاج المبادئ النظرية العامة من حقائق معينة. وقد ظلت المهمة الهائلة لإصلاح تصنيف العلوم الطبيعية غير مكتملة حتى موته، لكنها اصطدمت بالافتراضات الكلاسيكية التي كان يوقرها الباحثون في عصر النهضة، وبشرت بقدوم العلم التجريبي الذي تبنته الجمعية الملكية في العقود الأخيرة من القرن السابع عشر. وفي عام 1626، أكمل بيكون كتابه «أطلانتس الجديدة»؛ وهي عالم يوتوبي يستند إلى يوتوبيا أفلاطون، ولكن لم يعد مواطنو هذا العالم الأكثر احتراما وتبجيلا هم الفلاسفة بل العلماء التجريبيون. كان هذا تحولا من شأنه أن يؤثر على العلم الحديث وانفصاله عن الفلسفة.
هوامش
الفصل السادس
كتابة عصر النهضة من جديد
إن مصطلح «أدب عصر النهضة» لا يقل خداعا وانطواء على مفارقات تاريخية عن العبارات التي قابلناها مثل «الحركة الإنسانية في عصر النهضة» و«علم عصر النهضة». كان بيترارك ومكيافيلي ومور وبيكون ساسة ودبلوماسيين صنفت كتاباتهم فيما بعد باسم «أدب عصر النهضة»، والآن تدرس أعمالهم في الأقسام الأدبية في الجامعات حول العالم. ولم يتطور مفهوم الكاتب المحترف إلا قرب نهاية القرن السادس عشر، وذلك مع نمو المسرح في دول مثل إسبانيا وإنجلترا، ومع النجاح المالي للطباعة، الذي سمح للشعراء ومؤلفي الكتيبات في التفكير في الكتابة الإبداعية باعتبارها مهنة دائمة. فقد كانت الأنماط المختلفة من التعبير الأدبي - الشعر والدراما والنثر - تتجاوب مع هذه التغيرات الاجتماعية والسياسية بطرق متعددة تتمتع كلها بمظاهر محددة على المستوى الإقليمي. وما نطلق عليه اليوم أدب عصر النهضة، فقد كتب أغلبه باللغات المحلية الأوروبية المتنوعة: مثل الإنجليزية والفرنسية والإيطالية والإسبانية والألمانية. وتتضمن قصة هذه التطورات الأدبية كتابا كانوا يفضلون فصل أنفسهم عن اللغات العالمية الكلاسيكية التي تخاطب الصفوة (اليونانية والعربية، ولا سيما اللاتينية)، واختاروا الكتابة بلغاتهم العامية الخاصة. وبسبب صعوبة إنصاف هذه التقاليد العامية المحددة، فإن تأكيد هذا الفصل سيتركز على تطور الشعر والنثر والدراما فيما يتعلق باللغة الإنجليزية تحديدا.
الشعر
كان ينظر إلى الشعر الغنائي والشعر الملحمي باعتبارهما ذروة الإبداع الأدبي في عصر النهضة. وقد أتاح ظهور ثقافة البلاط الملكي في إيطاليا وشمال أوروبا مجالا للإحساس المرهف للشعر الغنائي، وذلك بتركيزه على العشيقة المحبوبة، بينما كان يكشف أيضا الحالة الشخصية للشاعر الولهان. وكان من بين أبرز رواده الباحث الإنساني بيترارك؛ الذي استند في تأليف كتاب «الأغاني» - الذي يتكون من 365 قصيدة كتبت بين عامي 1327 و1374 - على مجموعة دانتي الشعرية «الحياة الجديدة». وقد نقح بيترارك الشكل الغنائي الذي يطلق عليه السونيتة؛ وهي قصيدة ذات أسلوب خاص تتكون من 14 بيتا، ومقسمة إلى قسمين (الأوكتاف: أي السطور الثمانية الأولى من القصيدة، والسستت: أي السطور الستة الأخيرة)، وتتميز بتركيبة سجعية شديدة التحديد. وكانت سونيتات بيترارك تجعل من الأنثى موضوع القصيدة كائنا مثاليا في الوقت نفسه الذي تستكشف فيه التعقيد العاطفي لهوية الشاعر. فقد اشتكى بيترارك في إحدى سونيتاته قائلا: «يا سيدتي، إني في هذه الحالة بسببك أنت.» وقد أثر هذا الأسلوب الشعري الاستبطاني الموحي بالألفة والدفء - والذي مكن الشاعر من استكشاف حالته الأخلاقية فيما يتعلق بمحبوبته أو بدينه (وغالبا ما كان الاثنان مندمجين) - على ثقافة وشعر البلاط الملكي في عصر النهضة طوال القرنين الخامس عشر والسادس عشر .
وقد تطور هذا التقليد في إيطاليا في شعر الكاردينال بيمبو، وفي إسبانيا مع جارسيلاسو دي لا فيجا، وفي فرنسا مع يواكيم دو بيلاي، وبيير دي رونسار، وفي إنجلترا مع ترجمات السير توماس وايت في منتصف القرن السادس عشر لبيترارك إلى الإنجليزية. وقد وصل هذا التقليد الإنجليزي إلى ذروته في سلسلة سونيتات شكسبير (عام 1600 تقريبا) التي حاكت تقليد بيترارك بسطرها الشهير «عينا محبوبتي لا تشبهان الشمس في شيء» (سونيتة 130). وقد تخطى شكسبير في سونيتاته بيترارك، وذلك بإضافة بعد ثالث إلى العلاقة بين الشاعر ومحبوبته: وهو المنافس. فكانت هذه العلاقة الثلاثية التي كان يعبر عنها في لغة إنجليزية عامية مطواعة تتسم بالتورية، غير مسبوقة. فقد سمحت لشكسبير بمناقشة التنافس الذكوري، ومشكلات الرعاية الأدبية، والأعمال المنزلية، «تواقة إلى فن هذا الرجل، وإلى النظرة الشاملة لذاك الرجل» (سونيتة 29)، وكذلك استكشاف التأثيرات المزعجة للرغبة الجنسية «إهدار الروح في صحراء الخزي» (سونيتة 129).
ناپیژندل شوی مخ