عصر نهضت: لنډه معرفي
عصر النهضة: مقدمة قصيرة جدا
ژانرونه
إن صكوك الغفران الباباوية من أجل بناء كنيسة القديس بطرس يتم تداولها تحت اسمكم المبجل ... وإني لأشعر بعميق الحزن إزاء الانطباعات الزائفة التي كونها الناس منها؛ أي إن النفوس الشقية تؤمن أنها لو اشترت خطابات صكوك الغفران فإنها تضمن خلاصها.
وقد كرر لوثر احتجاجه في الأطروحات الخمس والتسعين التي تم تداولها بشكل واسع عبر أرجاء مدينة فيتنبرج. وكتب لوثر: «لماذا لا يبني البابا - الذي تخطت ثروته حتى اليوم ثروات أغنى الأغنياء - كنيسة القديس بطرس الوحيدة هذه بماله الخاص بدلا من بنائها بمال المؤمنين الفقراء؟» وبهذا، أطلقت طلقة الإصلاح الأوروبي الأولى.
حروب الإيمان
على غرار مصطلح «النهضة»، فإن مصطلح «الإصلاح» مصطلح صك من منظور حديث يصف تبعات أفكار لوثر. لقد بدأ لوثر في واقع الأمر رحلته وفي ذهنه فكرة إصلاح الكنيسة، لكن سرعان ما تحول الإصلاح إلى ثورة؛ فقد تبلور احتجاج لوثر ضد صكوك الغفران سريعا في صورة رفض منظم لكل افتراض ديني كانت الكنيسة الكاثوليكية تقوم عليه، فقال لوثر بأن المرء يتمتع بعلاقة مباشرة مع الرب، وليس بحاجة للاعتماد على توسط القساوسة أو القديسين أو صكوك الغفران لتمنحه الخلاص؛ فبإمكان الفرد الحفاظ على الإيمان المطلق بنعمة إله غامض لكنه رحيم، وذلك على أمل نيل الخلاص. فلا يسع الأفراد الضعفاء والأشرار فعل شيء أمام الله، سوى التمسك بالإيمان؛ تلك العطية المطلقة من الله. والمحاولات الدنيوية لتغيير حالة النفس من خلال صكوك الغفران والأعمال التكفيرية ليس لها معنى. وكما خلص لوثر في النهاية: «المسيحي لديه كل ما يحتاجه في الإيمان وليس بحاجة إلى أعمال لتبريره.»
كان المعنى المتضمن لهذا كله بالنسبة للكنيسة الكاثوليكية عميقا. فبتخلي لوثر عن الوساطة البابوية بين الرب والمرء، رفض بضربة واحدة مفاجئة سلطة كل من البابا والقسيس. قوبل مسرح الطقوس الكنسية وأدواتها بالرفض، وكذلك التفرقة بين رجال الدين وشعب الكنيسة. كما أدان لوثر كل الأسرار المقدسة فيما عدا اثنين؛ قائلا بأن الله قد منح الإيمان مباشرة للإنسان ولم يظهر من خلال وسائط، سواء أكانت كهنة أم طقوسا سرية.
كان تأثير أفكار لوثر معقدا لكنه كان فوريا. ففيما صقل ونشر موقفه ردا على الاستجابة الكاثوليكية المنزعجة بصفة متزايدة، انتشرت «اللوثرية» عبر أرجاء شمال أوروبا كالنار في الهشيم، ونتج عنها عواقب هائلة تجاوزت سيطرة لوثر. وعندما وافته المنية في عام 1546، كانت المجامع التي تغلب عليها ميول كنيسة الإصلاح تسيطر على فيتنبرج ونورمبرج وستراسبورج وزيوريخ وبيرن وبازل. وقد وجدت اللوثرية أرضا خصبة بين شعب كنيسة يغلب عليه الطابع المدني الحضري والاستياء من الكاثوليكية. فألغيت الرتب الرهبانية والعبادة التقليدية، أما ممتلكات الكنيسة فحطمت أو صودرت، ودمرت الصور الدينية في أعمال شغب لتحطيم الرموز الدينية. وحل محلها مواقع وطرق جديدة للعبادة وتجارب مثالية في الإصلاح الاجتماعي والسياسي. وفي عام 1524، انتفض الفلاحون الألمان وطالبوا برد مظالمهم من خلال تعاليم لوثر، لكنه أدان بازدراء التمرد «السام المؤذي»، كاشفا حدود حركته الراديكالية عندما يتعلق الأمر بالشئون الدنيوية.
عجز لوثر كذلك عن السيطرة على التأثير الفكري لكثير من المناقشات التي قدمها. فبحلول أربعينيات القرن السادس عشر، كانت جنيف تقع تحت سيطرة لاهوت جون كالفن، الذي قال بأن الإنسان عاجز عن التأثير على القضاء والقدر. فمن منظور كالفن، فإن الرب قد قرر سلفا النفوس التي حكم عليها بالهلاك، وتلك التي ستحظى بالخلاص. وفي إنجلترا، أدى القرار السياسي لهنري الثامن بالانفصال عن روما في عام 1533 في نهاية المطاف إلى الحرمان الكنسي لابنة هنري - وهي الملكة إليزابيث الأولى - بسبب ما كان يسمى في ذلك اليوم ميولها «البروتستانتية».
طباعة الكلمة
كانت الحركة الإنسانية والطباعة في قلب نشأة وانتشار أفكار لوثر. فقد استخدم لوثر وأتباعه التدريب الإنساني في فقه اللغة والبلاغة والترجمة لإنتاج علم لاهوت قائم على «الكلمة وحدها» و«الكتاب المقدس وحده». وكان ما وحد المصلحين من أمثال لوثر والإنسانيين من أمثال إراسموس؛ هو الالتزام بالتفسير أو التأويل الكتابي الدقيق، الذي كان يتحدى الجهل والخرافات، اللذين كانا من صفات التفكير السكولاستي الأسبق. وكان بإمكان لوثر مضاهاة أفضل ثقافة باباوية، وقد تفاخر في بحثه «عن الترجمة» (1530) قائلا: «بإمكاني التفوق عليهم جميعا متحدين في الجدل والفلسفة .» لكنه انفصل عن الحركة الإنسانية عندما أدرك حدود التزامها للتغيير، وأخبر إراسموس: «إنك لا تهتم كثيرا بما يؤمن به أي شخص في أي مكان في العالم طالما أن سلام العالم لم يضطرب.» ولكن كانت الحركة الإنسانية قد زودت اللوثرية بالفعل بالأدوات الفكرية لتحويل الدين، كما أنها وفرت للوثر الأداة التي كانت ستنقل أفكاره الجديدة في جميع أرجاء أوروبا؛ آلة الطباعة.
كتب لوثر عن انتشار أفكاره في عام 1522 قائلا: «أنا لم أفعل شيئا؛ فالكلمة هي ما فعلت كل شيء.» وقد كان محقا في ذلك؛ فوسيلة الطباعة هي التي نشرت «الكلمة». أما المعارضون السابقون للسلطة الباباوية فلم يكن لديهم قدرة كبيرة على نشر أفكارهم إلى جمهور أوسع، لكن تكنولوجيا آلة الطباعة أتاحت للوثر إمكانية نشر أفكاره في صورة آلاف من الكتب المطبوعة والنشرات والكتيبات. وكانت الولايات الألمانية أيضا هي المكان المثالي لتنتشر منه ثورة دينية، حيث كانت تقع في قلب أوروبا من الناحية الجغرافية والتكنولوجية. وبحلول عام 1520، كانت 62 مدينة ألمانية تمتلك آلات طباعة، وبين عامي 1517 و1524 زاد نشر الكتب المطبوعة في هذه المدن سبعة أضعاف. وكان لوثر نفسه أحد أسباب هذا الإنتاج المتزايد. فقد أدرك سريعا القوة الجذرية الكامنة لآلة الطباعة التي أطلق عليها «نعمة الله الأعلى والأسمى التي يتقدم بها عمل الإنجيل». وبين عامي 1517 و1520، كتب لوثر أكثر من 30 كتيبا بأكثر من 300 ألف نسخة مطبوعة. وادعى أحد الأصدقاء المعجبين أن: «لوثر هو الشخص الذي يمكنه أن يجعل مطبعتين في كل منهما آلتا طباعة مشغولتين في نفس الوقت.» كما أدرك لوثر قوة نشر كلمته باللغة الدارجة، بدلا من اللغة اللاتينية الكنسية التي كانت تخاطب الصفوة. وبحلول عام 1575، باعت ترجمته الألمانية المطبوعة من الكتاب المقدس مائة ألف نسخة. كما أشارت التقديرات إلى أن أعماله مثلت ثلث مجموع الكتب المكتوبة باللغة الألمانية المبيعة بين عامي 1518 و1525. وبحلول 1530، أصبح لوثر أول مؤلف للكتب الأكثر مبيعا في تاريخ الطباعة القصير.
ناپیژندل شوی مخ