262

وقد استفحل أمر البذخ في ذلك العصر حتى أصبحنا نرى أبا العتاهية مثلا وهو المعروف ببخله يهدي إلى الرشيد في سبيل طلبه لعتبة ثلاث مراوح - وكان العباسيون قد تفننوا فيها وفي المذاب التي اخترعت في أيامهم - وكتب على كل مروحة بيتا قال في مجموعها:

ولقد تنسمت الرياح لحاجتي

فإذا لها من راحتيه شميم

أعلقت نفسي من رجائك ماله

عنق يحث إليك بي ورسيم

ولربما استيأست ثم أقول لا

إن الذي ضمن الرياح كريم

ولعلك إذا تذكرت أمر سفن الأمين وبذخه وإسرافه مضافا إليه ما ذكرنا هنا وغيره تؤمن بما نقول من بذخ العصر واستفحال ثروته، على أنا قد عثرنا على مصدرين ننشرهما مع الحيطة والحذر لبيان ثروة العصر، يتضمن الأول بيان الجباية في أيام المأمون، ويتضمن الثاني حالتها في أيام أخيه المعتصم مفترضين في كلتا الحالتين جواز المبالغة في التقدير؛ في المصدرين نرى مع ذلك أن أي تقدير متواضع للخراج في ذلك العصر لا بد أن يكون عظيما ودالا على الثروة والغنى والبذخ. (5) الخراج في عهد المأمون

يمتاز عهد المأمون بوجود أثر تاريخي يدل على مقدار الجباية الخراجية في جميع الأقاليم التي كانت تحت حكم الدولة العباسية، وهو الثبت الذي نقله العلامة ابن خلدون في تاريخه، وقد أحببنا لما في ذلك الثبت من الفائدة أن ننقله عنه، وها هو ذا:

الإقليم

ناپیژندل شوی مخ