117

ويحدثنا أبو جعفر محمد بن جرير الطبري في حوادث سنة ست وسبعين ومائة، أنه لما ورد الفضل بن يحيى البرمكي بيحيى بن عبد الله العلوي بغداد، لقيه الرشيد بكل ما أحب، وأمر له بمال كثير، وأجرى عليه أرزاقا سنية، وأنزله منزلا سريا بعد أن أقام في منزل يحيى بن خالد أياما، وكان يتولى أمره بنفسه ولا يكل ذلك إلى غيره، وأمر الناس بإتيانه - بعد انتقاله من منزل يحيى - والتسليم عليه، وبلغ الرشيد الغاية في إكرام الفضل، وفي ذلك يقول مروان بن أبي حفصة:

ظفرت فلا شلت يد برمكية

رتقت بها الفتق الذي بين هاشم

على حين أعيا الراتقين التئامه

فكفوا وقالوا ليس بالمتلائم

فأصحبت قد فازت يداك بخطة

من المجد باق ذكرها في المواسم

وما زال قدح الملك يخرج فائزا

لكم كلما ضمت قداح المساهم

ونوجه النظر هنا إلى ظاهرة في شعر مروان وأبي قمامة الخطيب الذي أنشد في هذا المعنى أبياتا له يستدل منها على اغتباط الشاعر، وجمهرة الناس طبعا، بالوفاق بين العلويين والعباسيين، والإشادة بذلك، مفخرة للعاملين على رتق الفتق والتئام الصدع، ولكن وا أسفاه! فإن للوجهة النفعية خطرها بين الملوك وبين السعاة بالنميمة، ولها أثرها السيئ في إلصاق تهم بالأبرياء، ولها مغبتها الضارة في بذر بذور الكراهية والبغضاء بين الملوك والزعماء.

ناپیژندل شوی مخ