فلاذ حمدون بالصمت، فقال عزت: نحن صديقان وأكثر من شقيقين، لنا حياة مشتركة، لم نكد نبدأ بعد، أمامك مستقبل باهر، لا زواج بين الفن والجريمة، عليك أن تنقذ نفسك قبل ألا ينفع الندم. •••
ورجع إلى حدائق شبرا وهو يقول لنفسه ما كنت أتصور أن الملائكة والشياطين يتجاورون في وطن واحد!
17
في غمار الدوامة، في الليلة التالية - وهي الليلة الختامية - رأى خالته أمونة وكريمتها إحسان وشابا مجهولا يدخلون مسرحه. تلاقت الأعين فتقدم للمصافحة. مقابلة فاترة، ولكنه تعرف بعريس بنت خالته الذي دعا حماته للمشاركة في نزهة احتفاء بشهر العسل. لم يغب عنه أن مهنته الجديدة ستعرف على حقيقتها في الدار والحارة، وستلوكها الألسن كنادرة من النوادر. وكانت فكرة زيارة الأسرة تعابثه من آن لآن، فعدل عنها بقرار نهائي رغم حنينه المتقطع لرؤية سمير. انتهى عزت عبد الباقي القديم، وحل محله رجل يميل إلى البدانة، ويمارس عمله في بيئة تكتنفها الشبهات، وقنع بأن يكلف عم فرج يا مسهل - وهو أصلا من أبناء الحارة - باستطلاع الأخبار وموافاته بالأحوال. •••
وتحدد يوم 15 أكتوبر موعدا لافتتاح الموسم الشتوي بالكلوب المصري. نفحه نجاح الموسم الصيفي بالثقة، ولكن المستقبل تبدى له رغم ذلك غامضا، وأمدته أعماقه المنصهرة بالحب والأخيلة المفزعة بالريبة والقلق، ولم يخل ببدرية في تلك الفترة إلا دقيقة، فسألها: كيف الحال؟ - انتهت الاجتماعات، ولكن ... - ولكن؟! - ولكن حمدون يمر بحال سيئة.
وقال لنفسه: حسن أن تنتهي الاجتماعات، غير أنه ابتسم ساخرا، وثمة صورة كانت تلح على خياله، صورة حمدون في لباس السجن يصاحبها إحساس بالألم يمجه الصوت الخفي الذي ينغص عليه صفوه.
وقال له يوسف راضي: من المناسب أن تفتتح الموسم بروايتي.
فقال عزت مجاملا: سنفعل ذلك ذات يوم .
فقال الشاب: إني أفكر في دعوة حمدون ذات يوم لأسمع رأيه وأدخل ما يراه ضروريا من التعديلات. - خير ما تفعل.
وجرت مفاضلة في شقة حمدون بين يوليوس قيصر ونديم السلطان؛ بأيهما يستحسن أن يكون الافتتاح. قالت بدرية: يوليوس قيصر هائلة، ولكن دوري تافه.
ناپیژندل شوی مخ