انضم الشاب إلى هيئة التحرير، وما هي إلا لفتة زمن حتى أصبح من أعظم أعضائه نشاطا، فكان طبيعيا أن يرشح نفسه لمجلس الأمة. وكان غريبا أن ينتخبه الذي قضى مصالحهم فهم ينتخبونه على الرغم من أنهم هم أنفسهم كانوا يقدمون له الرشاوى في جميع العهود.
وحين أصبح في هذا المكان المرموق رفع أسعاره في القيام بالشفاعات، ثم ضاعفها عدة أضعاف وقال - ووجد من يصدقه - إنه لا يأخذ لنفسه، وإنما هو يشرك معه الكثيرين الذين يعاونونه في قضاء الحاجات.
وبصورة تلقائية انتقل الشاب من هيئة التحرير إلى الاتحاد القومي. ورفع أسعاره مرة أخرى.
ثم أصبح في مقدمة العاملين في الاتحاد الاشتراكي، وكان من المعقول جدا أن يصبح عضوا في التنظيم الطليعي.
وكان عضوا في المجلس الذي رقص للهزيمة. وكان تصفيقه يومذاك واضح المعالم بين السمات، وذهب عهد بأكمله وجاء عهد آخر. تسلل إليه في أناة وخبرة ، فإذا هو عضو في منبر مصر، ثم هو عضو في حزب مصر ثم هو عضو في الحزب الوطني. وهو دائما عضو بمجلس الشعب. وهو دائما يحصل على معظم الأصوات من الناخبين.
وما دام قد صفق للهزيمة فقد أصبح من الطبيعي، بل من المحتم، أن يصفق تصفيقا مضاعفا عشرات المرات للنصر الرائع الذي لم يشهد العرب له مثيلا في العصر الحديث، وصفق في حماس لا مثيل له لما أعقب النصر من خطوات السلام الخالدة.
ولكن العجيب في أمره أنه إذا جلس في جماعة يهاجمون كامب دافيد وافق المهاجمين في رأيهم.
فإذا انتقل إلى جماعة يؤيدون كامب ديفيد كان أشد منهم حماسا في تأييدها.
ظاهرة عجيبة هذا الفتى.
أم ترى أنه لم يصبح ظاهرة ولا عجيبة. لست أدري؟ وتسألني ولا أشك إلى أنك ستسألني من هو؟ أهو هذا الرجل أم هو ذاك؟ وكيف لي أن أعلم، ربما كان هذا وذاك جميعا؛ فقد تشابه الخلق علينا.
ناپیژندل شوی مخ