تأليف
عبد العزيز بركة ساكن
إهداء
إلى مريم بنت أبو جبرين
أمي
عبده بركة
في الحب: منزلة الشبح
الإنسان هو مشروع فاشل لمخلوق أسمى، ولو أنه لا يزال يحتفظ بقدر ضئيل من ملامح ما كان يجب أن يكونه، وبقدر واف من صفات المسخ الذي هو عليه الآن. وأنا أكتب ذكرياتي وأسجل وقائع حياة ما كانت ستصبح قاسية ومؤلمة لولا ذلك الكائن السامي، وما كانت تغدو جميلة وثرية لولا ذلك المسخ الحطيط، سوف أحكي هنا عن الإنسان؛ فقيرا ومؤلما كما العقرب، ولطيفا حلوا كالفراشة، وبعيدا عن هذه الثنائيات أحاول أن أكون صادقة وواضحة، وأحاول أن أقول أشياء هي غائمة الآن في ذهني، ولكن آثارها جلية في روحي وفي جسدي، سوف أحاول ألا أخجل للآخرين أو منهم.
أقول إنني سوف أكشف عري العراة، وعورة جحيم عشته بعمق، على الرغم من ذلك أرجو أن أكون رحيمة بجلادي، ولو أنني أصبحت جلادته؛ فلقد قتلته عدة مرات.
لا أعرف من أين أبدأ. اسمي سارة حسن، وستعرفون عني الكثير كلما حكيت لكم الكثير، فأنا لست براوية بارعة، ولم تكن لي جدة تحكي عند المساء، ولم أقرأ في حياتي كلها سوى حفنة من القصص، سيشاركني الروي جميع الناس الذين سوف أحكي عنهم، سيحكون عني وعن أنفسهم، سيروون شهاداتهم كما شاءوا، كلهم أبطال ورواة، بعضهم متمرس بل وماهر مثل سهير حسان أو القديسة كما يسميها أصدقاؤها، وبعضهم لا خبرة له في الحكي مثلي، وأخشى أن يكون ذلك مربكا، ولكن لكي أقول على الأقل معظم ما علي قوله، لا بد من ذلك، اسمحوا لي أيضا أن أبدأ حكايتي بالمشهد الأعمق في ذاتي الذي لن أنساه ما حييت.
ناپیژندل شوی مخ