70

قلت له إن الوقت قد تأخر وإنني قضيت الساعات هنا أبحث عن بيته منذ الصباح الباكر، وإنني لا أستطيع عمل شيء سوى العودة إلى البيت، ولكنه أصر على أن أذهب معه، فقط لأتأكد من المكان حتى لا أضيع وقتي في البحث في المرة القادمة، وذهبنا.

في الطريق قال لي إنه لم يكن في بيته منذ الأمس، وإنه كان في المكان الآخر، وهذا المكان الآخر يعرفه هو والله فقط، بعد أن عبرنا ممرات تحيطها أعشاب الحسكنيت والكتر، وقفنا أمام شجرة تنضب وارفة تقوم على حافة كتلة صخرية عملاقة، يبني عليها العنكبوت بيوته وتتطفل عليها نبتة متسلقة نسميها هنا السلعلع، قال لي: دا هو البيت.

قلت له مندهشة: أنت العنكبوت ولا السلعلع؟

قال: لا العنكبوت ولا السلعلع، ولكن العنكبوت والسلعلع سوا سوا.

ثم جذب غصن شوك كبير لم ألحظه في بادئ الأمر كان يرقد ما بين التنضبة والصخرة، فظهرت بوابة لمغارة يشع الضوء من عمق سحيق فيها، قال لي: أنا أسكن هنا، من الداخل واسع ولكن مدخله ضيق ودا للتأمين، ادخلي.

قلت خائفة: لا أنا ما حأدخل، خلاص عرفت المكان وحأجيك مرة تانية.

وحاولت أن أعود أدراجي للبيت.

في الحق كنت مرعوبة وخائفة، وأحسست بالخطر يحيط بي، الخطر الفعلي، أحس بأنفاس الموت في أذني تتلاحق، ولأول مرة في حياتي ينتابني مثل هذا الرعب. قال لي: حتدخلي معاي حتدخلي معاي، وأعدك ما في حاجة حتحصل ليك.

كان يتحدث في ثقة مفرطة محتفظا في فمه بابتسامة صفراء. - لا، لو عايزني أجي تاني، خليني أمشي وأوعدك بأني حأجي.

ولكنه أصر إصرارا غريبا لدرجة أنني أحسست أنه إذا لم أدخل سيغتالني، ودخلت، مررت بحذر ما بين التنضبة وحافة الصخرة، حنيت رأسي إلى مستوى الركبة، مشيت بتلك الهيئة مترين ثم وجدت نفسي في بهو عريض في حجم حجرة صغيرة، به إضاءة خافتة تصدر من أركان كثيرة، توجد مفارش نظيفة على سرير من الخشب، ملابس معلقة على تربيزة ملابس من الحديد، هنالك دولاب من الحديد، وتفوح من المكان رائحة التراب الرطب، وشميم واهن من الفضلات الإنسانية.

ناپیژندل شوی مخ