وأخذ الخير يفتعل الشجار مع المعلمة، مع النساء، مع الأطفال، معي، الجيران، الباعة الجائلين، أصدقائنا، الشرطيين، عمال النظافة، وكل من هب ودب، وصل ذروة غضبه حينما قال لي: أنت عايزة لبناتي يصعلكوا زيك؟ - زي أنا؟ وأنا مالي؟ - أنت عارفة نفسك كويس، أنت وصحباتك وأصحابك، صنف واحد. - أنت بدأت تخرج من حدودك. - أنا حدودي أولادي ... وبس ... ارفعي يدك منهم، اطلعوا أنتو من حدودي.
عمل الخير سمسارا في سوق البلح بموقف دنقلا بالحلة الجديدة، تزوجت ست البنات المحجوب ود المحجوب ود تويسة ورجع بها إلى القرية، زينب الكبيرة عادت مع ابنتها على شريطة ألا يغيب عنها الخير أكثر من شهر واحد، وقالتها بالحرف الواحد: أنا عندي نصيب معاكم.
البهجة التي نفحتنا بها زيارة دوشكا تودروف وأطفالها الاثنين لا توصف، ولو أن حرارة الجو التي دائما ما نتجاهلها نحن وتزعجهم، بل تعتبر إحدى معاناتهم اليومية، بالإضافة إلى الذباب والغبار، إلا أنهم كانوا يستمتعون بحق وحقيقة في كل لحظة قضوها في البلاد الكبيرة، كانوا يسألون عن كل شيء. - كل شيء هنا لا يشبه كل شيء هناك، إلا بعض عربات اللادا والبطاطا والفودكا.
تجولوا في الخلاء المفتوح والغابات والأنهر والآبار، رأوا الحيوانات الطليقة والتماسيح والقرنتي والناس، أعجبهم المحراب عجبا شديدا، واهتم الأطفال بالصلاة فصلوا تحت الدومات الثلاث، لعبوا من على بعد كاف مع المرفعينين الصغيرين الجميلين ذوي الرائحة العفنة، وأطعموهما لحوم الدجاجات وأحشاء الماشية.
كانوا يقيمون في منزل مايا زوكوف، وهو ذات البيت الذي اختبأ فيه أمين محمد أحمد بعد فشل زواجه بنوار سعد؛ حيث اعتكف على كتابة ديوان «زهرة الزقوم»، أحبه أطفال دوشكا تودروف حبا جما، وألفوا أغنية قصيرة لأجله ...
أسموها «أمين السوداني ينام مع الفيران»، وأصبح منظرا مألوفا في شوارع المدينة «الخواجاية وأطفالها والرجل الأسود» يتمشون على أرجلهم في كل مكان هنا وهناك، قال لي الخير: أمين يا دوب لقي شبهه.
لم أقل له التعليق الذي خطر في بالي عند سماعي جملته، قلت: يبدو ... يبدو ... لك ...
قال: الخواجات ما عندهم مشكلة، زيهم زي البهائم، دا طالع دا نازل.
قلت: إنهم يقدرون العلاقة الزوجية ويحترمونها أكثر مننا نحن. - أنت بتظني إن دوشكا عندها زوج؟
عندما رجعوا إلى روسيا سافر أمين السوداني الذي ينام مع الفئران معهم.
ناپیژندل شوی مخ