قال: «كلا يا وردان. لا ينبغي أن يعلم الخليفة ذلك وإلا فإننا نجر على المسلمين ما نتحاشاه من الفتنة، ولكننا نكتمه إلى حينه، ولا سيما أنهم أجلوا تنفيذه. ويكفي أن نسهر على حياة أمير المؤمنين.»
فأعجب وردان بأريحية ضرغام وقال: «بورك فيك يا بطل. هذا هو الرأي الصواب.»
قال ضرغام: «ولكنك أخطأت؛ إذ بقيت العبد هنا فإذا صحا عرف المكان وربما وشى بك، والأحسن ألا يعرفه، فانقله الآن وهو بين السكر والنوم وأنا أمكث هنا حتى تعود.»
قال: «أصبت.» ونهض وأخذ في إيقاظ العبد وهو لا يصحوا فجعل يوقفه أو يقوده أو يجره حتى بعد به عن فسطاطه واقترب من فسطاط العباس فألقاه هناك ورجع، وكان الليل قد انتصف ونام من في المعسكر.
فلما عاد إلى ضرغام قال له هذا: «أنا ذاهب إلى خيمتي فامكث هنا حتى الصباح.» قال: «سمعا وطاعة.»
اتجه ضرغام نحو فسطاطه وهو غارق في تفكيره، وقبل أن يصل إليه سمع لغطا بينه وبين السور، فالتفت فرأى جماعة من حراس المعسكر يقودون رجلا أمسكوا بخناقه وهو يقول: «خذوني إلى الصاحب.»
فلما سمع صوته أجفل؛ لأنه صوت حماد، فأسرع إلى فسطاطه ولبث في انتظار وصولهم، وبعد قليل دخل أحدهم وقال: «أخذنا جاسوسا دخل المعسكر من جهة المدينة وزعم أنه قادم إليك.» قال: «أدخلوه.»
فدخل فتبينه فإذا هو حماد بعينه فقال: «دعوه.» فتركوه ورجعوا. فلما خلا إليه حياه ورحب به وأجلسه بجانبه وسأله عن جهان فقال: «لا تزال عند البطريق.»
قال: «ألم تنقل خبرنا إليها؟»
قال: «كلا. لم أستطع الظهور قط، ولما رأيت جندكم بالأمس تطلعت إلى الأعلام فلم أر الراية المزدوجة إلا هذا المساء، ولم أستطع الخروج إلا الآن بحيلة شيطانية فتهت عنها، ولما أخذني الحراس طلبت إليهم أن يحملوني إليك كما ترى.»
ناپیژندل شوی مخ