قال: «تركتها لأمر أهم منها.»
قال: «وما ذلك؟»
قال: «رأيت سامان اللعين في معسكر الأفشين مقربا منه ملحوظ المنزلة، فلم أستطع الصبر على رؤيته وحدثتني نفسي أن أبطش به.»
قال: «لا تفعل، إننا في موقف يقتضينا جمع الكلمة. فإذا رفعت يدك على سامان أغضبت الأفشين فتوقظ الفتنة في الجيش، فاترك سامان إلى وقت آخر، وامض إلى الرابية وراقب الأسوار وامكث هناك ليلا.»
فمضى وردان لشأنه، وما خلا ضرغام إلى نفسه حتى أخذ يفكر في حاله؛ متنقلا بخياله من جهان إلى أمه إلى حماد إلى الأفشين، حتى أخذه النعاس فنام واستيقظ على صوت وردان يناديه، ففتح عينيه فإذا هو في المساء وقد أظلمت الدنيا فظن أن وردان جاء يبشره بلقاء حماد فقال: «هل أتى حماد؟» قال: «كلا.»
قال: «وكيف عدت وتركت الراية؟!»
قال: «تركتها لأمر لم أستطع كتمانه إلى الغد، ولا بد من أن تعلمه قبل أن تذهب في الصباح إلى المعتصم.»
قال: «وما هو؟ قله بكلمتين وإلا فدعني أرافقك إلى الرابية أساهرك وتقصه علي هناك.»
قال: «ليس حديثي طويلا لكنك إذا صحبتني إلى الرابية كان هذا أجدى.»
فنهض ضرغام ولبس ثيابا لا تميزه عن سواه من الجند وخرج مع وردان، وكانت الرابية واقعة بين معسكر المعتصم وبين معسكر أشناس، فمرا بكثير من الفساطيط بين مضيء ومظلم، فقال ضرغام: «أراك تسير بي في غير الطريق المستقيم.»
ناپیژندل شوی مخ