فهز رأسه وقال: «أتيت إليها في خدمة مولاي الأفشين.»
قال: «وكيف ذلك؟» قال: «ما زلت منذ تشرفت بلقيا مولاي في سامرا أبحث عن جهان عملا بأمره حتى علمت أنها عند بابك!»
فدهش الأفشين لقوله وصاح به: «جهان هنا الآن؟ هنا في البذ؟!» قال: «نعم يا سيدي.»
قال: «وما الذي جاء بها إلى هذا البلد البعيد؟»
قال: «أخبرتك يا مولاي أن اللصوص خطفوها مني بقرب همذان، وما زلت أجد في البحث عنها حتى علمت أن بابك هو الذي بعث رجاله لاختطافها؛ لأنه سمع بجمالها، وكان قد خطبها من أبي فرده خائبا وكأنه أقام الكمناء يترقبون خروجها حتى تمكن من غرضه.»
فقال: «ثم ماذا؟ ألا تزال هنا؟»
قال: «إن أمر أختي يحيرني، فهي لا تستقر على حال، فبعد أن رفضت نعمة صاحب أشروسنة، رضيت ببعض رجاله. ثم عادت فرضيت ببابك وأصبحت أقرب نسائه إليه وتتفانى في نصرته. وكم نصحت لها أن ترجع عن غيها وحسنت إليها المجيء إلى الأفشين لأنه ولي نعمتها فأبت. فلما رأيتها مصرة على عنادها تركتها وجئت إليك.»
قال : «بورك فيك، لكني علمت من بعض الجواسيس أن أعز نساء بابك إليه امرأة اسمها جلنار يقولون إنها حازمة حسنة التدبير، وإنها أعانته وشدت أزره كثيرا.»
فقال: «هي جهان نفسها يا سيدي، وقد غيرت اسمها تمويها. ووعدت صديقها الجديد أن تنصره على جند المسلمين فهي تتفانى في نصرته، ولولاها لقضي عليه من زمن مديد.»
وكان الأفشين يعلم خبث طوية سامان ولكنه جاراه رغبة في الاستعانة به على أمر لا يصلح له غير الخبثاء، ولم يفته أن سامان يكرهه ولو استطاع قتله لقتله، فعمد إلى المداجاة وهز رأسه وحك ذقنه وأصلح قلنسوته وتحرك في مقعده وقال: «بئس ما كافأتنا به هذه الفتاة على إحساننا فقد أغضبناك لأجلها فعقتنا. وعسى يا سامان أن تكره شيئا وهو خير لك.»
ناپیژندل شوی مخ