بسم الله الرّحمن الرّحيم كلمة الافتتاح للخطيب القزوينى
الحمد لله على ما أنعم، ...
ــ
شرح مقدمة صاحب التلخيص
ص: قال المصنف ﵀: (الحمد لله على ما أنعم).
(ش): الحمد هو الثناء بالقول على جميل الصفات والأفعال. وبين الحمد والشكر عموم وخصوص من وجه، فإن الشكر يكون على الأفعال فقط: بالقول، أو الفعل، أو الاعتقاد، وعبارة الزمخشرى: وهو بالقلب، واللسان، والجوارح. يريد التنويع، لا أن الشكر لا يكون إلا بمجموع الثلاثة. ثم استدل على ذلك بقوله:
أفادتكم النّعماء منّى ثلاثة ... يدى ولسانى والضّمير المحجّبا (١)
وفيه نظر؛ لأن البيت لا تعرض فيه بأن شيئا من ذلك يسمى شكرا، فضلا عن كل واحد، نعم يدل على إطلاق الشكر على أعمال الجوارح والقلوب، قوله ﷺ وقد رآه بلال يصلى ويبكى، كيف تبكى وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ -:" أفلا أكون عبدا شكورا" (٢) وقوله تعالى: اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْرًا (٣) وأما المدح، فاختلف النحاة فى أنه مقلوب الحمد أو لا، ويعزى الأول لابن الأنبارى، وأما المعنى فقال الزمخشرى: الحمد والمدح أخوان لا يريد أنهما متشابهان غير مترادفين كما توهمه الطيبى؛ بل يريد ترادفهما؛ لأنه صرح بذلك فى الفائق، فقال: الحمد هو المدح، وإليه أشار أيضا فى تفسير قوله تعالى: وَلكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ (٤) وبه صرح الشيخ عز الدين بن عبد السّلام، ولا
_________
(١) البيت بلا نسبة فى الكشاف للزمخشرى (١/ ٧) وتفسير ابن كثير (١/ ٢٣)، والدر المصون ١/ ٦٣.
(٢) أخرجه البخارى فى" التفسير"، (ح ٤٨٣٦، ٤٨٣٧)، لكن من حديث المغيرة وعائشة، ومسلم (ح ٢٨١٩).
(٣) سورة سبأ: ١٣.
(٤) سورة الحجرات: ١٧.
1 / 36