============================================================
ومن منح صرف اليقين في ربه فلا حاجة له إلى شيء مما ذكر، أما الحقائق فلأنها لا تحجبه بنفسها، وأما الخوارق فلأنها تقطعه عن ربه، فإن لم تضره شيئا فلا تفيده أيضا إلا إذا صار في مقام لا يحجبه شيء عن شيء وذلك في مقام تجوهر نور الذكر أو التلاوة اللذين تقدم ذكرهما، فإن البالغ هذا المقام يكاشفت الحق مع صفاته التي من خمليها علمه وقدرته، فيعلمه بعلمه ويقدره بقدرته وإلى هذا يشير قول الإمام الغزالي تفع الله به: الأحوال والمكاشفات حاضرة معك في قلبك، وأنت مشغول عنها بعلاتقك وشهواتك، فصار ذلك حجابا بينك وبينها، فلا يحتاج إلا أن تكسر الشق وترفع الحجاب فتشرق أنوار المعارف من باطن القلب.
وقال الإمام العيدروس تفع الله به: ما حجب عين قلبك عن إدراكها سواك، ومتى تلاشت ظلماتك عنه تجلى له من لم يزل قاطنا به في غيوب الأزل. انتهى: من آداب المريد: وأنت قد علمت أئها الطالب مما قدمناه أن موت القلب من شهوات النفس، وأن السالك كلما رفض شهوة من شهوات النفس نال القلب من الحياة بقسطها، واعلم أيها الطالب الراغب أن من آداب المريد مع شيخه أن لا يستقل بواقعته وكشفه دون مراجعة شيخه لأنه لضيق علمه لا يقدر على دفع ما اشتبه عليه، فلا يعلم أنه من عند الله أو من عند نفسه، فإذا راجع الشيخ علمه الشيخ الواقعة، فإن الشيخ علمه أوسع، فإن لم يعلمه في الحال رجع إلى الله تعالى، إذ باب الشيخ المفتوح إلى الله تعالى أكبر فإن كان واقعة المريد من الله تعالى وافقه الشيخ عليها وأمضاها وإن كان في واقعته - لكونها
مخ ۹۷