============================================================
العبادات والخلوة فاغتر بطيبة قلبه وغفل عن سياسة طبعه حتى غلب عليه الطبع فاسترسل في الممازجة والمخالطة حتى غلبت عليه نفسه بالظهور بدعوى المشيخة عن هذه الطيبة اليسيرة، فقام بدعوى الإرشاد من غير ارشاد حتى جعل نفسه منهاجا للبطالين الذين لا يحفظون أوقاتهم ولا يضبطون نقوسهم، واستعان بذلك بلقمة تؤكل عنده وبرفق يوجد عنده وهو عدم التكليف بالعزائم، فيقصده من قضده الأكل والرفق لا من قصده الدين ولا من بغيته سلوك طريق المتقين أرباب العزائم، فافتتن بهذه الدعوى وأفتن بزعم الإرشاد حال الإضلال، وأقل ما في شأنه أنه بقي في خطة القصور حيث لم يتجدد له الترقي في المقامات العالية، كيف لا وقد وقع في دائرة الفتور عن العمل وهو فرس السير في الأحوال والمقامات؟!.
الفقر والرجوع إلى الله في الخلوة: وإذا كان الطبع باقيا كما قررناه فما يستغني الشيخ عن الاستمداد من الله تعالى، كما لا يستغني الإنسان عن الطعام كل يوم ولا يغنيه ما أكل فيما مضى بعد مضي مدة طويلة عليه لبقاء المدة المحللة فهي تحلل بالطبع، وذلك الاستمداد يكون بالتضورع بين يدي الله تعالى بقلبه إن لم يكن بالجمع بين قالبه وقلبه، فيكون له في كل كلمة تكلمها مع الخلق رجوع إلى الله تعالى في خلوته وخضوع بين يدي الله تعالى، ولا يتأتى ذلك لمن استدام المخالطة مع الخلق والكلام معهم ما لم يتجدد بنور في باطنه كلما وقع عليه شيء من ظلمتهم، وذلك لأن المخالطة والمكالمة تقوي النفس لا محالة ولو بعد حين، وإنما دخلت الفتنة الداعية إلى ترك الخلوة والسفل بالعبادات الظاهرة على المغرورين بطيبة النفس المدعين للقوة الروحانية التي لا يعارضها شيء يحتاج له إلى الخلوة حتى وقع لهم الاسترسال في الكلام من غير مراجعة إلى
مخ ۹۱