دا زمان عرب: هیواد بې خاوند
عرب هذا الزمان: وطن بلا صاحب
ژانرونه
إن زيارة ملك إسبانية للمدينتين المغربيتين المحتلتين رمز وإشارة. رمز على أن الوعي الأوروبي الاستعماري لم ينته بعد، وإشارة على أن استمرار الهجرات المغربية إلى إسبانية، والعربية إلى أوروبة، هو احتلال غير مباشر، وفتوحات جديدة من الجنوب في الشمال عن طريق العمالة المهاجرة، في حاجة إلى حركة «استرداد» جديدة، ومد من الشمال إلى الجنوب. وإذا كان «الإرهاب» الإسلامي قادما من الجنوب إلى الشمال، فإن «الاستعمار» الغربي قادم من الشمال إلى الجنوب. وقد تكون عودة أوروبة إلى وعيها الاستعماري القديم أحد الحلو لحل أزمات أوروبة الداخلية؛ فقد الروح وخواء النفس، وما سماه بعض الفلاسفة «أفول الغرب»، أو «أزمة الوعي»، أو «قلب القيم».
فإذا كان المشروع الأوروبي القديم لا يستهوي الأجيال الجديدة، أكبر قدر ممكن من الإنتاج لأكبر قدر ممكن من الاستهلاك لأكبر قدر ممكن من السعادة، فلعل الوعي الاستعماري القديم للمحافظين الجدد والباحثين عن الذهب من الذين عبروا المحيطات إلى نصف الكرة الغربي، يعطي دفعة جديدة لأوروبة. وقد توقفه حركة تحرر عربي وطني ثانية لرد الهجمة الاستعمارية الجديدة. إنما تستطيع الأجيال الجديدة أن تبدأ عصورا حديثة أوروبية جديدة، خالية من المعيار المزدوج؛ الحرية والتحرر لأوروبة، والهيمنة والتسلط على غيرها، وتعمل لأجل إنسانية واحدة، دون مركز ومحيط ، وشمال وجنوب، وغرب وشرق.
العنف الأمريكي في الداخل أيضا
العنف الأمريكي ليس في الخارج وحده، العدوان على العراق وأفغانستان، والسودان وليبيا من قبل، وتهديد لبنان وسورية وإيران والصومال بالتدخل؛ فهي شرطي العالم الذي يفرض قانونه بالعصا على كل من يشق عصا الطاعة على «فتوة» الحي. وما يحدث في الخارج من عدوان على الشعوب، يحدث في الداخل أيضا بالعدوان عليه من مواطنيه؛ فالمجتمع مفرغ من الداخل. وبقدر ما تستعمل الولايات المتحدة الأمريكية القوة ضد الخارج، القوة المنظمة بالجيوش وأسلحة الدمار الشامل، تستعمل القوة ضدها في الداخل بنفس العدوانية وقتل الأبرياء. الجريمة المنظمة في الخارج تقوم بها الدولة، والجريمة المنظمة في الداخل يقوم بها الأفراد.
هذا ما حدث منذ شهر تقريبا في ولاية فرجينيا في كلية الهندسة بمدينة بروزبرج، عندما أطلق مهاجر أمريكي من أصل كوري جنوبي النار على الطلاب والأساتذة، فقتل اثنين وثلاثين من الأمريكيين والأجانب بدم بارد مع سبق الإصرار والترصد، وتسجيل العملية منذ بدايتها بالصوت والصورة في مجتمع يعشق الإعلام ويقدسه.
اندماج المهاجرين حتى من الجيل الثاني لم يتحقق، وبوتقة الانصهار التي أرادتها أمريكة مجرد أسطورة.
فالمجتمع ما زال فسيفساء من المهاجرين طبقا للون والأصل العرقي، وعلى مراتب كما هو الحال في نظام الطبقات في الهند. أعلاها الأنجلوسكسونيون البيض البروتستانت الذين هاجروا أول مرة من بريطانية، واستقروا على الساحل الشرقي حيث السلطة والمال، ثم تتراتب الطبقات من الأعلى إلى الأدنى؛ الألمان، والإيطاليون طبقا لطبقاتهم الأصلية في أوروبة، ثم يأتي في ذيل القائمة الإسبان ثم السود.
مع أن الإسبان هم الذين اكتشفوها، والسود هم الذين بنوها بعد أن تم اصطيادهم من أفريقية عبيدا ليحلوا محل الملايين من السكان الأصليين الذين تم استئصالهم. ومن تبقى منهم وضعوا في محميات للسياحة ولاستديوهات هوليود. لم يندمج القاتل من أصل آسيوي في المجتمع الأمريكي. وشتان ما بين أمريكة وآسيا، بين العالم الجديد والعالم القديم، بين قارة الذهب والمال، وقارة الديانات والحضارات.
والطالب في كلية الهندسة؛ أي في كلية عملية تقوم على العقل والعلم. عاش الطالب القاتل وحيدا نفسيا لا يشارك المجتمع قيمه. عاش متوحدا مع نفسه، ومتغربا مع غيره؛ مما أدى إلى الانفصال الكامل بين الفرد والمجتمع، بين المواطن والدولة. ويبدو أن العلوم الطبيعية والرياضية لا تملأ الفراغ الروحي لدارسيها كما تفعل العلوم الإنسانية، ولا تشبع فيهم البحث عن معاني الحياة والوجود والمصير. إنما يظهر التنظيم الهندسي في الجريمة المنظمة التي تقوم بها أمريكة في الخارج عن طريق أجهزة الاستخبارات والجيوش النظامية، ويقوم بها الأفراد في الداخل عن طريق الإعلام وأجهزة التسجيل الصوتي والمرئي. وهي ليست حادثة فردية معزولة، بل نمط سلوكي أمريكي في رفض المجتمع وقيمه، والدولة ونظامها كما حدث من قبل في تفجير المبنى الفيدرالي الأمريكي في أوكلاهوما من أمريكي أبيض تيموتي ماكفاي، لا يعترف إلا بالقوة الفردية واستقلال الولاية. والقاتل الانتحاري الجديد يستأنف عملية القتل التي تمت في جامعة كولومبيا. دبرها أيضا أمريكيان أبيضان، ديلان كليبولد وأريك هاريس. ولن تكون الأخيرة طالما العنف هو نموذج السلوك الأمريكي؛ العنف في الخارج على الآخرين، والعنف في الداخل على النفس.
وفي تسجيله الصوتي المرئي على مدى عشر دقائق، وألف وثمانمائة كلمة، وثلاث وأربعين صورة، وسبع وعشرين لقطة فيديو، عبر الطالب عن رفضه لقيم المجتمع الأمريكي، وأسلوب الحياة الأمريكي، والحلم الأمريكي، وأسطورة التفوق الأمريكي، والغرور الأمريكي، والرموز الأمريكية، المرسيدس وثقافة العربات والطرق السريعة وصناعة السيارات في دترويت وغيرها. والقلادة الذهبية التي تزين بها النساء جيدها مظهر من مظاهر الغنى. وقد كان البحث عن الذهب أحد أسباب الاندفاع نحو الغرب الأمريكي في الهجرات الأولى. وحسابات البنوك والودائع والمدخرات حياة الأمريكي، خاصة بعد التقاعد؛ لينعم بالحياة بعد أن شقي في الإنتاج الذي قضى فيه شبابه. والوفرة الأمريكية تؤدي إلى الإشباع الكامل لحاجات البدن، ولكنها لا تؤدي إلى سعادة الروح. الوفرة الزائدة عن الحاجات تصيب الإنسان بالغثيان. والفودكا والكونياك رمز السكر والعربدة، والانغماس في ملذات الدنيا. ويضاف إليها اللبان والآيس كريم والكوكاكولا، وهو ما لا يستطيع الأمريكي الاستغناء عنه وهو في قلب المعارك وفي أتون الحروب. الأمريكيون هم أسباب الشقاء في العالم، أطفال السوء، والرجال الأشقياء، ورسل الخطيئة، وغواية الشيطان.
ناپیژندل شوی مخ