دا زمان عرب: هیواد بې خاوند
عرب هذا الزمان: وطن بلا صاحب
ژانرونه
7
انقضى شهر رمضان. واسترجاع حوادث الشهر الكريم وسلوكياته جزء من مراجعة النفس والنقد الذاتي وتحسين الأداء عاما وراء عام، وعدم تكرار الأخطاء أو الاستسلام للعادات.
وما يدعو للتأمل والعجب وضع الدين والثقافة والسياسية في الإعلام العربي، خاصة في مصر، في شهر رمضان، في الصحافة والإعلام، المسموع والمرئي، المدون والشفاهي؛ ففي الصحافة تلغى صفحات التحليل السياسي وصفحات الثقافة، وتتحول إلى صفحات دينية يفتي فيها المشايخ والأطباء؛ فيتحول العام إلى خاص، وقضايا الأمة الكبرى وما تعم به البلوى إلى قضايا جزئية خاصة بالطعام والشراب وأنواع الغذاء والاختيار بين أفضله، والفقير يصارع كل يوم في طوابير الخبز للحصول على الرغيف المدعم الذي يشتريه الغني لإطعام مواشيه ولإقامة موائد الرحمن. بعد الدين عن الهم اليومي ومناظر دماء المسلمين في فلسطين والعراق وأفغانستان والشيشان والسودان، واقتصر على الغذاء كالحيوان. ابتعد الدين عن أزمة العصر الكبرى، احتلال أراضي المسلمين، والذي كان السبب الأول في الحركات الإصلاحية، وقيام حركات التحرر الوطني باسم الإسلام والعروبة والوطن. وفي نفس الوقت تزرع إسرائيل المستوطنات وتتوسع فيها، وتقام القواعد العسكرية الدائمة في العراق، ويزداد تدخل القوى الأجنبية في السودان والصومال. والإذاعة تغني «أهلا رمضان»، «رمضان جانا وفرحنا له»، وإذا قارب على الانتهاء «والله لسه بدري يا شهر الصيام» حزنا على فراقه. واستعدوا لأغان نمطية أخرى «أهلا، أهلا بالعيد» مع أطفال الشهداء والثكالى. والبعض يقول في سره مع المتنبي: «عيد بأية حال عدت يا عيد؟»
وانقسمت الأمة إلى قسمين؛ قسم يجاهد ويقاوم ويستشهد ويحاصر ويتظاهر من أجل يوم القدس العالمي في فلطسين ولبنان وإيران، وقسم يقف في طوابير الخبز واللحم والكنافة والقطايف، أو يشاهد بالساعات المسلسلات الرمضانية التي يستعد لها التليفزيون شهورا قبله مع إعلان حالة الطوارئ. ويتأسف المشاهدون لغياب الفوازير نقصا في النجوم وليس نقصا في المال والرجال. يتم التخلي عن قضايا الأمة وما يهددها من مخاطر خارجية لصالح فتاوى رمضان على مدى شهر كامل، مع أن غزوة بدر كانت في رمضان، وحرب أكتوبر كانت في رمضان، وأجلت أمريكة عدوانها على العراق حتى مارس احتراما لشهر الصيام؛ فإراقة دماء المسلمين حرام في رمضان، حلال قبل شهر الصيام أو بعده.
ولا تتناول صفحات الفكر الديني خلال شهر رمضان قضايا السياسة الداخلية من هموم المواطن اليومية؛ الفقر والقهر والفساد وضنك العيش.
ورمضان أساسا والحكمة من الصيام هو الإحساس بجوع الفقراء. لم تتعرض ليالي رمضان إلى مظاهر الغنى الفاحش ومظاهر الفقر المدقع في الأمة، أغنى أغنياء العالم منها، وأفقر فقراء العالم فيها. لم تتعرض لمظاهر الفساد والاحتكار والاستغلال لقطاعات الحديد والأسمنت، ولتهريب الأموال من خلال البنوك والتهرب الضريبي. لم تتعرض لقضايا الحريات العامة وحبس الصحفيين، والرقابة على المصنفات الفكرية والأدبية والفنية، وتكفير المفكرين والكتاب والفنانين. لم تتعرض لقوانين الطوارئ، أو قانون مكافحة الإرهاب، أو تزوير الانتخابات، أو إعداد المسرح السياسي للتوريث، وهو ما يناقض الشريعة الإسلامية التي تقول بالانتخاب الحر: «الإمامة عقد وبيعة واختيار.» بتعبير الفقهاء. لم تتعرض لقضايا التعددية السياسية، وسيطرة الحزب الحاكم، وتشتت المعارضة وضعفها، ورفض شرعية الحركة الإسلامية، سواء حزب الوسط أو الإخوان المسلمين، بالرغم من تأكيدهما على الدولة المدنية وليس الدينية، وعلى الدستور والقانون والمؤسسات وليس الحاكمية. وترفض الترخيص لحزب الكرامة الذي يمثل جيلا جديدا من الناصريين لإنقاذ البلاد، بينما تسمح بإقامة حزب الخضر في بلد 94٪ من مساحته صحراء قاحلة. والأولى بها حزب الصفر لوضع خطة لكيفية التعامل مع الرمال. لم تتعرض صفحات الفكر الدين إلى أن الدين النصيحة، وإلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والحسبة للرقابة على الأسواق والميزانية العامة، واقتراح إلغاء ديوان المحاسبة وخصخصته لإفساد شركات المحاسبة الخاصة بالرشاوي للتغطية على الفساد والاختلاس والرشاوي في جهاز الدولة. غابت القضايا العامة التي تعم بها البلوى من البرامج الدينية في رمضان؛ الفقر والجهل والمرض قضايا أجيال مضت، وقضايا الفقر والقهر والفساد والبطالة والهجرة لهذا الجيل.
يكفيها فتاوى فقهاء السلطان عن التبرك ببول الرسول أو إرضاع الكبير أو التنصير أو الزواج المشترك أو طلاق النصارى لإشعال الفتنة الطائفية؛ فأصيب المواطن بالازدواجية بين الدين والحياة. الدين لا يتعرض لشئون الحياة فضمر، والحياة لا يتناولها الدين فضاعت.
والأخطر هو إلغاء الصفحات الثقافية في بعض الصحف القومية، وتحويلها إلى صفحات للفكر الديني، وكأن الدين بديل عن الثقافة، في حين أن الدين هو تراث الأمة، ثقافة وحضارة وعلما وعمرانا. كانت الثقافة طريق النهضة في تاريخ العرب الحديث، وكانت تياراتها الرئيسية الإصلاح الديني، والفكر العلمي والعلماني، والتيار الليبرالي السياسي. وهي تيارات فكرية أساسا قبل أن تتولد منها حركات سياسية وطنية تحررية من الإصلاح الديني عند الأفغاني، ولا مركزية ديمقراطية من التيار العلمي العلماني عند شلبي شميل، وتأسيس دولة مركزية عماد التحديث عند الطهطاوي، ثم ليبرالية عند أحمد لطفي السيد.
وما زالت قوة الوطن العربي ورصيده الأول في ثقافته وأدبه وفنه قبل زراعته وصناعته. لم تتناول صفحات الفكر الدين التي حلت محل الصفحات الثقافية لأزمة الثقافة العربية، وحالة الاستقطاب الشديد بين السلفية والعلمانية، بين أنصار القديم وأنصار الجديد، وغلبة النقل من القدماء ومن المحدثين على الإبداع، وأولوية المشروع القومي للترجمة وغياب المشروع القومي للنشر، والمشروع القومي للتأليف.
فالإبداع الثقافي مشروط بتفاعل الوافد أي الترجمة، مع الموروث أي النشر. وقد كان هذا هو هدف «اللجنة المصرية للتأليف والترجمة والنشر ». وقد نزل القرآن في شهر رمضان، والقرآن هو
ناپیژندل شوی مخ