دا زمان عرب: هیواد بې خاوند
عرب هذا الزمان: وطن بلا صاحب
ژانرونه
ولكل فريق من المتخاصمين المتحاربين من الإخوة الأعداء أخطاؤه، ومجموع الخطأين لا يكون صوابا، والاختيار بينهما يزيد من كب الزيت على النار، وشق الصف الوطني، وسفك الدماء، وشبح الحرب الأهلية. وهو منطق «إما ... أو ...» الذي ساد معظم الديانات الآسيوية، المانوية والهندوكية والزرادشتية، ودين الصين القديم قبل كونفوشيوس، وأصلتها الغنوصية التي دخلت معظم ديانات الوحي، خاصة المسيحية في التقابل بين ملكوت السموات وملكوت الأرض، ومقتضيات الروح ومتطلبات البدن، وفي الإسلام في تقابل مشابه بين الدنيا والآخرة، بين الملاك والشيطان.
والتعارض بين الفريقين ليس فقط كما يبدو في الظاهر صراع سلطة ، بل هو صراع ثقافي بين رؤيتين متباينتين «إما ... أو ...» بين منهجين وأسلوبين في الحياة، لا حل له إلا بالحوار والتكامل، وتصحيح أخطاء كل فريق بمميزات الفريق الآخر من أجل الوصول إلى الطريق الثالث الذي اشتقته تركية ممثلة في «حزب العدالة والتنمية»، وماليزيا ممثلة في حزب «الآمنو». وهو ما تسعى إليه جميع حركات التجديد والإصلاح في المغرب في حزب العدالة والتنمية، وليس بإقصاء الإسلاميين كما هو الحال في مصر وليبيا وتونس والجزائر، أو بإقصاء العلمانيين كما هو الحال في السعودية والإمارات وعمان. وما زال الوضع متوترا في اليمن والكويت والأردن.
ويتمثل خطأ الإسلاميين في الآتي: (1)
جعل المسجد دولة داخل دولة، وسلطة داخل سلطة، وحكومة داخل حكومة، وهو ما لا يقبله أي نظام سياسي، دكتاتوري أو ديمقراطي، رأسمالي أو اشتراكي. صحيح أن هناك سلطات عديدة داخل الدول قد تتناحر فيما بينها؛ بين السلطة القضائية من ناحية، والسلطتين التشريعية والتنفيذية من ناحية أخرى كما هو الحال في مصر. وقد تكون هناك سلطتان في الدولة؛ السلطة العسكرية والسلطة المدنية كما هو الحال في تركية، ولكن هذه الازدواجية في السلطة لا تصل إلى حد الصراع العلني المفتوح وشق الصف الوطني. (2)
صحيح أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب شرعي على العلماء؛ فالدين النصيحة. وهي الحسبة؛ الوظيفة الرئيسية للحكومة الإسلامية كما قرر ابن تيمية وابن القيم، وهي وظيفة مشروطة بأن تكون من العلماء وليس من الطلاب، متفقا عليها بينهم وليس عليها اختلاف، وبالحسنى وليس بالعنف، ودون أن تأتي بمنكر أعظم من المنكر الذي تنهى عنه، ودون ملء المسجد بالسلاح، ووضع النساء والأطفال والشيوخ في أتون المعركة. ومن الأفضل أن يكون النصح جماعيا
ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر (آل عمران: 104)، وليس نصحا فرديا أو لمجموعة صغيرة مذهبية أو عرقية مثل «جبهة علماء المسلمين».
لذلك قدم الإجماع على الاجتهاد في ترتيب مصادر الشرع الأربعة. وهناك عشرات الآلاف من المساجد مثل «المسجد الأحمر»، والحركة الإسلامية ممثلة في البرلمان. وكان يمكن القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من خلاله، وبالوسائل الديمقراطية الشرعية، والكتابة بالصحف، وحشد الرأي العام، وليس بالسلاح، بصرف النظر عن البادئ بالعنف؛ لذلك اقترح بعض علماء الأمة، ومنهم الإمام الخميني، وكرد فعل على استعمال العنف ، إعادة ترتيب الوسائل الثلاثة للتغيير في الحديث الشهير، بالقلب ثم باللسان ثم باليد. وهي الطرق المتبعة في مقاومة الحاكم الظالم، بالنصيحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في خطب المساجد أولا؛ فإن لم يرعو الحاكم يتم اللجوء إلى قاضي القضاة الذي يعينه الحاكم ولكنه لا يستطيع أن يعزله حرصا على استقلاله؛ فإن لم يسمع لحكم القضاء ثار الناس عليه بقيادة العلماء وقاضي القضاة لعزله. ولا يمكن اختزال المراحل التدريجية الثلاث في مرحلة واحدة، وهي المرحلة الأخيرة، والقفز فوق المرحلتين الأولى والثانية. (3)
وفي المجتمعات الإسلامية في جنوب شرق آسيا تتنوع التركيبة السكانية والقبلية، وتتعدد المعتقدات الدينية والطوائف والمذاهب؛ فهناك البلوشي والباشتون، والسنة والشيعة، والهنود والصينيون والملاويون. وطبقا للشريعة الإسلامية، كل طائفة تحكم بشريعتها مثل أهل الذمة، النصارى واليهود، وأضاف الفقهاء المجوس والصابئة، بل وعبدة الأوثان. وإذا أراق المسلم خمر الذمي وجبت عليه الدية أو التعويض؛ فلا تطبق الشريعة الإسلامية إلا على المسلمين. والحفاظ على وحدة الأوطان، مثل السودان، مقدم على تطبيق الشريعة الإسلامية على الجنوب؛ ومن ثم يخطئ من يمارس الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إذا ما طبقه على غير المسلمين، مثل الصينيين الذين يقومون بالحمامات التركية والتدليك، أو ما يسمى بالحمام التركي المنتشر في جنوب شرق آسيا. واحترام العادات والتقاليد والأعراف لغير المسلمين جزء من الشريعة الإسلامية، «من آذى ذميا فقد آذاني.» (4)
والخطورة أن يكون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مجرد ذريعة للصراع على السلطة، وممارسة المعارضة السياسية، والمسجد ليس مكانها. المسجد للحوار وليس للصراع، للنصيحة
وجادلهم بالتي هي أحسن (النحل: 125) وليس للقتال. المسجد سلطة معنوية وليس سلطة سياسية، حام للقيم الإسلامية وليس منفذا لها بالقوة كما يفعل المطوفون بالعصي لستر الأعقاب بعد النظر إلى السيقان. الصراع السياسي مكانه صناديق الاقتراع وأجهزة الإعلام والانتخابات الديمقراطية.
ناپیژندل شوی مخ