وخلاصتها أن الإشعاع قفزات لا تعرف القفزة التالية من القفزة الأولى إلا بالتقدير والترجيح، وأن صحة التقدير لا تتفق إلا لأن أجزاء الكهارب تحسب بملايين الملايين، فلا يظهر الخطأ فيها إلا بمقدار يسير.
والأستاذ هيزنبرج هو صاحب نظرية الخطأ أو الاحتمال في قوانين الطبيعة، وخلاصة براهينه الكثيرة في هذا الباب أن الموضع والسرعة لكهرب معين لا يمكن تحقيقهما في لحظة معينة على وجه اليقين، وأن موقع الكهرب بعد ثانية يتراوح اختلافه إلى مدى أربعة سنتيمترات،
4
ثم يقل مدى هذا الخطأ في الثانية التي تليها وأن التجربتين في أية قاعدة من قواعد العلم الطبيعي لا تأتيان بنتيجة واحدة بالغا ما بلغ المجرب من الدقة وبالغا ما بلغ المسبار من الإتقان.
والأستاذ شرودنجر هو المجرب المحقق الذي أسفرت تجاربه كلها عن نتيجة واحدة تؤيد نظرية إكسنر (Exner) ، وهي أن تقدير ما سيحدث تطبيقا للقوانين المادية ممكن، ولكنه غير محتوم، وإذا دققنا في التعبير فليس هو بالاحتمال الذي يوصف بأنه جد قريب، ومن مقررات شرودنجر في محاضراته عن الحياة
5
ومحاضراته عن العلم ومزاج الإنسان أن القوانين التي تنطبق على الذرات في الطبيعة لا تنطبق على الذرات في البنية الحية، وأن الصورة (Form)
وهي قوام المادة، فلا يصح أن يقال إن هذه الذرة الصغيرة من المادة هي نفسها التي رصدناها قبل لحظة ونرصدها بعد لحظة تالية. إذ ليس لهذه الذرات ذاتية ثابتة تبقى في جميع هذه الأرصاد، وكل ما يثبت منها هو الشكل أو الصورة التي تتكرر في رصد بعد رصد بغير ذاتية ثابتة (Sameness) .
6
هذه النظريات لم يشتهر بها العلماء الثلاثة، بلانك وهيزنبرج وشرودنجر لأنهم ينفردون بتقريرها وتأييدها، فإنها نظريات عامة يقررها معهم علماء الطبيعة جميعا ولا يخالفونهم في مبادئها، ولكنهم اشتهروا بالنظريات التي تدور على نقص القوانين الطبيعية لأنهم استطردوا في مباحثها حتى شملوا بها المباحث العقلية والدينية كالقضاء والقدر وحرية الإرادة، وورد ذكرهم كثيرا في مساجلات العلماء والفلاسفة الذين يطبقون العلوم الطبيعية على الفلسفة والأخلاق.
ناپیژندل شوی مخ