تمهيد
الفصل الأول
الفصل الثاني
الفصل الثالث
الفصل الرابع
تمهيد
الفصل الأول
الفصل الثاني
الفصل الثالث
الفصل الرابع
عنترة
عنترة
تأليف
أمير الشعراء أحمد شوقي
تمهيد
زمن الرواية:
حوالي منتصف القرن الأول قبل الهجرة.
مكان الرواية:
بادية نجد؛ أحياء عبس وعامر وما بينهما.
أشخاص الرواية:
عنترة:
فارس بني عبس، أسود لأمه.
عبلة:
محبوبة عنترة وابنة عمه.
مالك:
أبو عبلة، وعم عنترة، وهو سري من سراة عبس.
زهير:
أخو عبلة.
عمرو:
أخو عبلة.
صخر:
سري من سراة عامر يحب عبلة ويتردد على حيها ويخطبها.
ضرغام:
فارس شاب من فرسان عبس يحب عبلة ويخطبها كذلك.
ناجية:
فتاة من عبس تحب صخرا.
شداد:
أبو عنترة.
داحس:
رفيق عنترة.
مارد
غضبان
عبدان
رستم:
قائد الفرس.
سعاد:
خادم عبلة.
نكرات:
رجال وخدم وفتيات من عبس وعامر، راقصات ومغنيات وزامرون، ولصوص ...
الفصل الأول
(عين ذات الأصاد في يمين المسرح، وقد حفت بالنخيل وفي اليسار مضارب بني عبس، وأظهرها خيمة مالك الحمراء التي يبدو جزء منها حوله ومن ورائه فضاء. وفي جبهة المسرح ربوة عالية وكثبان من الرمال تستوي بالأرض من ناحية اليمين. الوقت في مطلع الشمس وقد وقف عنترة أمام الخيام باديا عليه النصب والكلال. يسمع نباح كلاب من وراء الخيام.)
المنظر الأول
المشهد الأول
عنترة :
سلي الصبح عني كيف يا عبل أصبح
وأين يراني نجمه حين يلمح
أفي خيمتي كالناس أم في بيوتكم
أبث الخيام الشوق وهو مبرح
أقبل أطناب البيوت وربما
تلفت عن منهلة الدمع تسفح
أرى بوقوفي في ديارك راحة
كما يستريح ابن السبيل المطرح
أبوك غرير القلب لم يعرف الهوى
ولم يدر ما يأسو القلوب ويجرح
يخف لواش يشرح الزور سمعه
وفي أذنه وقر إذا جئت أشرح
أرى الغيد من حولي وفيهن سلوة
فما لي أرد القلب عنك فيجمح
فما سرني منهن ما كان يشتهى
ولا راق لي منهن ما كان يملح
أحيد عن الساري لكيلا يريبكم
وأقصي كلاب الحي عني فتنبح
فيا عبل قد طال التنائي وظله
متى بتدانينا الحوادث تسمح ؟ (يصعد الربوة من اليمين)
يا ليت حبك عبل لي
حب القطاة لشكلها
أو حب قبرة الصفا
لأليفها ولخلها
أو مثل حب نجيبة
مجنونة في فحلها
ليت افتنانك لم يكن
بشجاعتي وبفضلها
أو ليت حبك لم يكن
لقصائدي ولنبلها (يهيئ لنفسه مضجعا وراء نخلتين على الربوة يحجبانه عن سائر المسرح جهد المستطاع، ثم يرقد ويعلو نباح الكلاب وثغاء الشاة وصياح الديكة ويمر به فتيان سائرين على الربوة وقادمين من ناحية الخيام.)
المشهد الثاني
أحد الفتيين :
ما ذاك؟ من؟ قفوا، انظروا
جلمود صخر أم جسد؟
الآخر :
هذا الفتى عنترة
كل الثرى له وسد
قد التوى كالأفعوا
ن وتمطى كالأسد (يهبط الفتيان الربوة ويختفيان ناحية اليمين وراء النخيل ويسمع صوت هاتف من وراء الخيام.)
المشهد الثالث
الهاتف :
الديك عند البيوت صاحا
يا حي عبس عموا صباحا
حي هلا يا رعاة هبوا
هاتوا المواشي خذوا البطاحا
هلممن يا راعيات عبس
الرعي والحلب والفلاحا (تخرج صبية وجوار من كل ناحية في الحي مارين بالخيمة الحمراء ومتجهين إلى الحظائر وراء النخيل بينما يجلس جماعة من الجواري على حفافي العين يملأن الجرار ومن بينهن ناجية، ثم تخرج عبلة من الخيمة الحمراء وتقف أمام بابها تتمطى وتتثاءب.)
المشهد الرابع
عبلة :
وادي الصفا تجاوبت
وزقزقت عصافره
وانتبهت خيامه
واستيقظت حظائره
صاحت هناك شاؤه
وهاهنا أباعره
أوله في لجة ال
فجر جرى وآخره
نباته وماؤه
وظلفه وحافره
فتاة (تتغنى) :
جئن الصفا يا عذارى
واملأن منه الجرارا
الأخريات (متغنيات) :
جئن الصفا................. ........................
الأولى وحدها :
ماء من الفجر أصفى
فردن صفا فصفا
واقعدن فاضربن دفا
وقمن فاضربن طارا
الأخريات :
جئن الصفا يا عذارى
واملأن منه الجرارا
الأولى :
تلك دموع الغوادي
جمعن من كل واد
في عين ذات الأصاد
ثم انفجرن انفجارا
الأخريات :
جئن الصفا يا عذارى
واملأن منه الجرارا
الأولى :
ردن القراح الزلالا
ردن الرحيق الحلالا
فما سقى منذ سالا
كمثل عبس ديارا
الأخريات :
جئن الصفا يا عذارى
واملأن منه الجرارا (تدخل عبلة خيمتها ويمر صخر أمام الخيام متهاديا واقفا في المسرح هنا وهناك بين الحين والحين.)
المشهد الخامس
إحدى الفتيات :
ناجية اسمعي انظري
من الفتى يا ناجيه؟
ذاك الفتى المهندم ال
حلو الرقيق الحاشيه
ناجية :
كيف ألم تريه قب
ل هذه في الناحيه؟
الفتاة :
لله ما أظرفه
ناجية :
أحببته يا غاويه
خليه فهو مغرم
صب بأخرى ساليه
الفتاة :
من الفتى؟
ناجية :
من عامر
أبوه موفور النعم
يقال في حظاره
ألفان من حمر النعم
الفتاة :
يحب من؟ يعبد من؟
يا ليتني كنت الصنم
ناجية :
إن التي هام بها
بغير عبد لم تهم
الفتاة :
عبلة؟
ناجية :
لم لا؟ إنها الي
وم حديث للأمم
صيرها عنترة
نارا على رأس علم (تظهر عبلة على باب الخباء)
المشهد السادس
ناجية :
خيمتك الحمراء يا
عبل لعمري فاخره
تصلح أن يسكنها
عقائل المناذره
فتاة :
متعت يا أخت بها
ولا تزال عامره
وعاش أهلوك وعاش مالك
وعشت في بيتك يا عبل المدى
مع رجل كأنه ليث الوغى
صخر :
بل رجل كأنه بدر الدجى
عبلة :
بدر الدجى؟ لا، ليس ذاك بغيتي
نحن الغواني حسبنا بدر السما
إن كان في الأسمار بات عندنا
أو في الكرى على المضاجع انحنى
البدر في بيض لياليه معي
صخر :
ماذا تريدين إذن؟
عبلة :
ليث الشرى
أريد أجلادا شديدة القوى
وساعدا خشنا كجلمود الصفا
صخر :
وسحنة كأنما قد قلبت
على هباب القدر وجها وقفا
عبلة :
تريد أن تسخر من عنترة؟
بين، كفى يا صخر تعريضا كفى
إن كنت كالفتيان فامض لاقه
صخر :
أنا ألاقيه؟ أمجنون أنا؟
لم لا تقولين الق حية الصفا
أو أسد الصحراء أو ذئب الفلا
عبلة :
خلك منه صخر لا تقتس به
لا تتزن صخر بفارس الوغى
صخر :
الحق أني يا بن
ات عبس خانني الصبر
سئمت من عنترة
ومن ثنائه العطر
ومن حديث بأسه
ومن نعوته الأخر
وفتنة البدو به
وشأنه بين الحضر
أكل ذئب ريه
وشبعه من البشر
وكل ليث فاتك
وكل حية ذكر
وكل سيل لم يدع
وكل ريح لم تذر
عند الرجال والنسا
ء كائن له خطر؟
عبلة :
خلين صخرا دعنه
قد قتل الفتى الحسد
اسمعن شاة عامر
ماذا تقول في الأسد
صخر :
شاة أنا يا بنات عبس
احسبنني الشاة ما يضر؟
في الشاة والله كل خير
وليس فيها أذى وشر
مزاجها هادئ لطيف
وشكلها رائق يسر (عبلة ضاحكة)
اضحكن يا بنات
العامري شاة (ثم إلى صخر)
بسبس تعالى بسبس
أخرى :
هس شاة عامر هسي
خذي كلي من ترمسي
صخر :
شهد الله قد أسأتن فهما
عبلة :
نحن بل أنت قد أسأت مقالا
صخر :
ما الذي قلت؟
عبلة :
قلت ما قيمة البأ
س وصغرت عندنا الأبطالا
صخر :
إنما قلت تأخذ الذئبة الذئ
ب وتعطى اللبؤة الرئبالا
وابنة الناس لابنهم فقديما
سخر الله للنساء الرجالا
عبلة :
لا تريد الرجال يا صخر إلا
جبناء أذلة أنذالا
صخر :
بل أريد الحياة خيرا وسلما
ليس شرا سبيلها وقتالا
أريد الجمال لهذا الجمال
وأبغي الشباب لهذا الشباب
ويحزنني أن تزف الظباء
إلى أسد الغاب أو للذئاب
وأن تحمل امرأة كالشعاع
عروسا إلى رجل كالهباب
وفي البيد كل فتى كالسراج
إذا أظلم الليل أو كالشهاب
عبلة :
جميل وليس بحامي البيوت
ولا مانعا من يد ما له
إذا ما عوى الكلب ضل السلاح
وبل من الخوف سرواله
يجود بزوجته للمغير
ويرمي إلى الذئب أطفاله
صخر :
ومن تعنين يا عبل؟
عبلة :
ومن يا صخر من تعني؟
لقد أسرفت في التعريض
بالليث وفي الطعن (تسمع ضجة وأصوات استغاثة من ناحية الخيام)
عبلة :
ويح جيراني وويح
صرخات وصفير
وعلى الخيمات أش
باح وأقدام تدور
أترى قد نزل الل
ص بعبس والمغير؟
صخر :
الحياة الحياه
النجاة النجاه
الفرار الفرار
القفار القفار (يفر الجمع من هنا ومن هناك وتبقى عبلة وحدها فتخرج إليها من الخيمة الخادم سعاد.)
المشهد السابع
سعاد :
سيدتي هيا اهربي
جمع الشياطين اقترب
عبلة :
أهرب؟! لا، ما في طب
اع العربيات الهرب
نحن ثنتان يا س
عاد تعالي بجانبي
بل قفي حيث أنت في
طرف الباب راقبي
سعاد :
ومعي
عبلة :
ما الذي حملت؟
سعاد (وتظهر خنجرها) :
خليلي وصاحبي (تدخل عبلة الخيمة ويسمع صوتها من الداخل وترى من بالباب)
عبلة :
خنجر مثل خنجري
جرديه تأهبي
خنجري أين خنجري اليوم مني
هو ذا خنجري تعال أعني
حط عفافي وحام عن قدس العزى
ورد اللصوص عنها وعني (تتجه عبلة إلى الصنم بداخل الخيمة)
عزاي قوي يميني
عزاي لا تخذليني
أبي تأخر عني
وإخوتي تركوني
وأين عنترة اليوم
أين حامي العرين؟
لو كان في أرض عبس
لجرد السيف دوني
عزاي معبود ثقيف
وإلهة العرب
إن اللصوص طمعوا
فيما عليك من ذهب
لن يسلبوك شعرة
وفي عرق يضطرب (تخرج عبلة)
كم الرجال؟ هلمي
قومي انظري يا سعاد (تدور سعاد حول الخباء في حذر ثم تعود)
سعاد :
سيدتي لا تراعي
حول الخباء ثلاثه
وجوههم كالحات
وبالثياب رثاثه
المشهد الثامن (يظهر أحد اللصوص فتختفي الفتاتان وراء باب الخباء حتى إذا حاذى الباب طعنته عبلة في ظهره.)
عبلة (هامسة) :
ذئب؟ تعال خذ، مت
قتلته بضربة
المشهد التاسع «يظهر لص آخر فتطعنه سعاد»
سعاد (هامسة) :
وأنت أيضا يا شقي
خذ امض مت به الحق
اللص (ممددا على الأرض) :
آه من الخناجر
الأول :
شلت يمين الغادر (يظهر لصوص آخرون من هنا وهناك وراء الخباء)
المشهد العاشر
سعاد :
سيدتي
عبلة :
سعاد ماذا؟ ما الخبر؟
سيدتي الآن نواجه الخطر
سرب من الذئاب نحونا انحدر
عبلة :
بل هو ذا سعاد في البيت انفجر
قفي يا سعاد ناحيه
دونك تلك الزاويه
سعاد :
وأنت من ورائيه
عبلة :
لا بل مكاني هاهنا
فربة الدار أنا
سعاد للمنيه
أحلى من الدنيه
ولا يزيد في العمر
شيء إذا الموت حضر
هيا ابنتي تقنعي
وناوليني برقعي
وقاتلي الجمع معي
أحد اللصوص :
اللات أكبر
ما ذاك؟
عبلة :
خنجر (تحاول أن تطعنه فيمسك بذراعها ويمسك لص آخر بذراعها الآخر، ويقبض لصان آخران على سعاد.)
اللص :
ما للمبرقعات والخناجر
يحملنها؟
عبلة :
لردع كل فاجر
لص آخر :
تعالي أسفري ارفعي
ماذا وراء البرقع؟
الآن تمضين معي (يحمل بعض اللصوص عبلة وسعاد إلى ما وراء الستار من ناحية اليسار، فتسمع استغاثة عبلة من هناك بينما يبقى في المسرح سائر اللصوص.)
المشهد الحادي عشر
عبلة (مستصرخة) :
واعنترا واعنترا
ليتك عندي فترى
حل الذئاب ساحتي
إلي يا ليث الشرى
أحد اللصوص :
الخيمة الحمرا
القبة الكبرى
هنا روائع التحف
هنا نفائس الطرف
هنا عصائب اليمن
ووشيها الغالي الثمن
سعاد، للمنيه
أحلى من الدنيه
آخر (ممسكا بخناق أخيه) :
بشراي دع يا ابن الزنا
القرط لي
آخر :
بل لي أنا
الأول :
السيف بيننا حكم
الثاني (ويطعنه) :
خذها وما شئت فنم
الثالث :
لا لك القرط ولا له (ثم يطعن الثاني)
أعطنيه يا حثاله (ضجة الغارة مستمرة من وراء الستار. يقدم من يسار الربوة المرتفع شداد ومالك فيهرب اللصوص ويعثر القادمان بعنترة وهو نائم.)
المشهد الثاني عشر
شداد :
أضجعة يا عبد والحي سبي
عنترة :
من المنادي؟ سيدي: صوت أبي
شداد :
ماذا يقولون غدا في العرب؟! (يظهر من يمين الربوة بعض الهاربين)
المشهد الثالث عشر
أحد الهاربين :
أبيحت الحظار والخيام
واختطفت جروة يا همام
مالك :
وافرسا طار بها الطغام!
مالك (لعنترة) :
عنتر قم رد علي جروتي
عنترة (ببرود) :
سر أنت أنقذها أو ابعث إخوتي
وخلني أغنم لذيذ غفوتي (ويرقد)
هارب آخر :
يا سيد الماء
ليس لنا الماء
أطردت الإبل
وسيقت الشاء
شداد :
يا ابن شداد
عنترة (بتهكم) :
ما أنا ابنا لشداد
ولكن عبد يسوم ويسقي
لست من عبس لا، ولست لك ابنا
لون أمي أفاتني منك حقي
شداد :
قم يا فتى عبس انهض
ذد عن حريمي وعني
إذا رددت السبابا
فأنت عنترة ابني
عنترة :
يا سيد الحي قل لي
متى فطنت لشأني
أأنت ذا تدعيني
وكنت تبرأ مني؟
هارب ثالث :
يا سيد الوادي
هيا احمه هيا
عبلة...
عنترة (ناهضا) :
ما الخطب؟
الفتى :
سلت من الحي
عنترة :
أنا كالليث ما الهزيمة في طبعي
وليس الفرار لي في جبله
أنا حر وإن أبت عبس والنا
س وآبائي السراة الأجله
لا لحريتي أموت ولكن
حبذا الموت في سبيلك عبله (يسمع صوت استغاثة من وراء الستار)
المستغيث :
عنترة البأس
ويا عزيز الجار
تلك نسا عبس
حل عليها العار
عنترة :
لبيك يا عبس
يا عبس لبيك
عنترة الروع
أمن سربيك (يسمع صوت عبلة من بعيد ومن وراء الستار)
عبلة :
واعنترتا واعنترتا
عنترة :
لبيك عبيل الليث آتي
عبلة يا عبل لا تراعي
لبيك بالسيف بالقناة
يا عبلة القلب لا تراعي
لبيك بالروح بالحياة
تأملي غضبتي تريها
كغضبة الليث للباة (يظهر جماعة من اللصوص من ناحية الخيام يحملون أسلابا. ويحاولون الهرب عن طريق العين حينما سمعوا صوت عنترة، فيهبط عنترة من الربوة ويقطع عليهم الطريق.)
المشهد الرابع عشر
عنترة :
يا سرقه يا فسقه
الليث جا
رؤوسكم نفوسكم
أو فالنجا
خلوا الحلي
دعوا الوسد
من يختلس
حبل مسد
فويله
من الأسد (يهجم عليهم)
كونوا ذئاب الفلا
إني أنا القسوره
أحد اللصوص :
عنترة جاءكم
عنترة عنتره
عنترة :
ردوا الحرم إلى الخيم
سوقوا النعم إلى الحظار
هلموا يا ذئاب القفر
لاقوا السيل والنارا
هلموا جمعكم واجروا
رياحا أجر إعصارا
فهذا اليوم في البيد
سيبقى بيننا ثارا
من يتزن بالليث من؟
حذار من بطشي حذار
هاتوا القنا ألقوا هنا
إني أنا سيل ونار
أحد اللصوص :
زمجرة قسورة
عنترة هيوا الفرار
آخر :
بل اهجموا وأقدموا
لا تحجموا فذاك عار
أسيد :
مكانكم يا قوم لا تفرقوا
كم ذا من العبد إلى كم نفرق؟ (لعنترة)
هلم عنتر القني
تسق الردى أو تسقني
عنترة :
من الفتى؟
أسيد :
ابن حرة!
عنترة :
عرضت يا أحمق بي
أنا ابن شداد فمن
أبوك؟ جئني بالأب
أسيد :
أبي معانق الأسل
سل عن أبي من شئت سل
عنترة :
شداد أعلى وأجل
أحد اللصوص :
صاحبكم وعنتره
يا عجبا هيوا نره
أسيد شهم
أسيد باسل
تعال ننظر
كيف ينازل
ليث الصحارى
غول القبائل (يطعن عنترة أسيد فيرديه ثم يجري إلى ما وراء الخيام باحثا عن عبلة ووراءه مالك وشداد.)
المشهد الخامس عشر
لص :
أسيد عش أنت
أسيد يستاهل
من يطفر النار
فليس بالعاقل
آخر :
هذا القدر
من يقحمه
هذا الصخر
من يصدمه (يفر اللصوص من اليمين ويدخل عنترة وعبلة من اليسار ووراءهما داحس وسعاد.)
المشهد السادس عشر
عنترة :
لبيك عبلة يا فداك حياتي
نادي يجبك مهندي وقناتي
لو رن صوتك في جوانب حفرتي
لباك من ثبج التراب رفاتي
البيد تحت يدي وتحتك ضيعة
أنا ليث غابتها وأنت لباتي
روعت بنت العم؟
عبلة :
مم؟
عنترة :
ألم يرع
مرأى البزاة حمامتي وقطاتي
عبلة :
مرأى البزاة؟ ترى اللصوص بوازيا
هم دون ذلك، هم حداء فلاة
جبناء خطافون أكبر همهم
عكاز شيخ أو حلي فتاة
عنترة :
ماذا لقيت من اللصوص؟
عبلة :
بل امض سل (تشير إلى قتيلين على باب الخباء)
هذين كيف تلقيا طعناتي
أنا وابنتي هاتيك جندلناهما
عنترة :
حق سعاد فعلت
سعاد :
سل مولاتي
عنترة :
أجل أرى جثة وأخرى
داحس ماذا ترى؟
داحس :
دماء
عنترة :
أأنتما تقتلان؟
عبلة :
لم لا؟!
عنترة :
من قلد الخنجر الظباء؟
عبلة :
ذئاب قفر مشت إلينا
كوالحا تضمر العداء
عنترة :
وأين كان الرجال؟
عبلة :
سلهم
عنترة :
وكيف لم يسمعوا النداء؟
عبلة :
لقد تلفت لم أجدهم
ولم أجد حولي النساء
عنترة (ملتفتا لداحس) :
داحس صح وأسمع
وناد عبلة معي
وأنها سالمة
وأنها لم ترع (تدخل سعاد الخباء وينادي داحس من وراء الخيام)
المشهد السابع عشر
داحس :
يا عبس بشرى لكمو
قد وجدت أختكمو
عنترة حيالكم
وعبلة بينكمو
عبلة :
عنترة؟
عنترة :
عبيلة
عبلة :
من
أين؟
عنترة :
من طول السرى
سريت أبغي الحي لي
لي كله حتى دنا
وجئت في منبلج ال
صبح أسابق الضحى
عساي أرعى شاءكم
كعادتي فيمن رعى
عبلة :
لا لست ترعى الشاء يا
عنتر بل ترعى الحمى
وأين يا ابن العم كن
ت لم تزرنا من مدى
عنترة :
في عالم الدنيا وفي
وادي الحياة وفي شعابه
في البيد عبلة في عري
ن الليث في سلطان غابه
عبلة :
سعاد (تخرج سعاد من الخباء ويعود داحس من وراء الخيام فيصعد الربوة ويختفي وراء النخيل.)
المشهد الثامن عشر
عبلة :
يا بنت اذهبي
جيئي بتمر ولبن (تدخل سعاد الخباء)
المشهد التاسع عشر
عنترة :
أجل لي ثلاث ألبس البيد حائرا
كما يلبس الليل الطويل سقيم
إذا قمت من ذئب عثرت بحية
طريقي منايا كله وسموم
أهيم على وجهي وقلبي من الجوى
على وجهه بين الضلوع يهيم
ويهدأ إلا حين تهتز بانة
ويطرق إلا حين يشخص ريم
أجيء حماكم من نجوم بعيدة
وترجع بي من حيث جئت نجوم
ويحزنني يا عبل أني أزوركم
فيصرف عمى الوجه وهو كريم
يكاد يسل السيف حين أجيئه
ويوقد نار الطرد حين أريم
فخاض الموالي في حديثي وأقبلت
علي من الوادي الظنون تحوم
وكم رام ودي في القبائل سيد
وود مكاني في الديار زعيم
ولو لم يكن يا عبل عما ولا أبا
لعبلة سيم الخسف وهو كظيم
عبلة :
تسوم أبي خسفا؟
عنترة :
معاذك عبلتي
معاذ الهوى إني إذن للئيم
ولكن عمي جار
عبلة :
هب لي ذنبه
وهبني التي جارت أكنت تلوم؟
عنترة :
عبيلة جوري واتركي عمنا يجر
فإني على عهد الهوى لمقيم (تخرج سعاد من الخباء حاملة قصعة فيها مجيع وهو طعام يصنعه العرب من التمر واللبن، فتضع القصعة على الأرض وتدخل من حيث خرجت.)
المشهد العشرون
عبلة :
عنتر خذ قاسمني المجيعا
عنترة :
هاتي فقد كدت أموت جوعا (يجلسان إلى قصعة المجيع فتتناول عبلة بضع بلحات تعطيها إلى عنترة.)
عنترة :
حسبي النوى عبل ما في التمر لي أرب
مناي كل نواة خالطت فاك
التمر أطيب ما فيه النواة إذا
مرت بثغرك أو مست ثناياك
لقد مررت بواد غير ذي شجر
نضر وإن لم يصبه الغيث ضحاك
مطيب نفحتني منه رائحة
كالمسك يا عبل أو تعلو على ذاك
فقلت عبلة في الوادي مشت ورمت
على نواحيه من فيها بمسواك
عبلة :
لقد أحسنت يا عنتر
فاقبل من فمي التمرا
عنترة :
بروحي فوك يا عبل
ة هاتي الشهد والخمرا
عبس اشهدوا عبلة قد
قامت تزق عنتره
كما تزق فرخها
على الغصون القبره
عبل
عبلة :
لبيك حامي الخيل
عنترة :
لا ما
أنا للخيل يا عبيلة حام
عبلة :
من إذن يمسك النجيبة في السر
ج ويحمي النجيب خلف اللجام؟
عنترة :
ألهذا أحببتني؟
عبلة :
ولشأن
كضحى الشمس أو كبدر التمام
كل يوم يقال عنترة أر
دى كميا وقام عن ضرغام
عنترة :
لم لا تعشقين عبل جوادي؟
لم لا تعشقين عبل حسامي؟
أوليسا هما شريكي في الفتك
وضرب الطلى وحصد الهام؟ (يظهر داحس على الربوة ثم يهبط منها حاملا معه فراخ نسر وثلاثة أشبال.)
المشهد الحادي والعشرون
عبلة :
ما ذاك؟ ما تحمل؟
ماذا عنترة؟
ما تلك عنتر؟
عنترة (متناولا أفراخ النسر من داحس) :
هذي
يا عبل أفراخ نسر
اغتر بي أبواها
وكنت بالشعب أسري
فظلل الأب صدري
وغطت الأم ظهري
ومسياني بكر
على الجبال وفر
توهماني صيدا
يهني الفراخ ويمري
فلم أكن غير يتم
لمبتغي الصيد مر
عبلة :
ماتا؟
عنترة :
أجل لقيا عبلتي
جزاء التجري
محطمين بكفي
ممزقين بظفري (يدخل جماعة من الهاربين فتيانا وفتيات من ناحية العين وبينهم صخر وناجية.)
المشهد الثاني والعشرون
صخر :
عبلة لم تسب
صوت :
عبلة في الحي
آخر :
عنترة ثم
لا خوف من شي
عبلة :
وما هذه الأخرى؟
عنترة :
شبول ثلاثة
تربى هنا بين البيوت وتصلح
تعرض لي ليث يدل ببأسه
على جانبيه لبوة تتبجح
وقد ملأ البيداء رعدا كأنما
بكل سبيل ذو رعود ملمح
مشيت إليه فانثنى فطلبته
فأقبل تياه الخطا يترنح
ظللنا مليا أتقيه ويتقي
ويعجم في قول الوعيد وأفصح
فأغمدت سيفي في قرارة جوفه
أليس لسيفي ذلك الغمد يصلح؟
إلى أن تعايا في يدي فذبحته
ومن ذا رأى الضرغام كالشاة يذبح
وكم من كمي في أعنة سابح
تركت ورائي في الدم الحر يسبح
عبلة :
وما صنعت باللباة يا ابن عم؟
عنترة :
عفوت عنها
عبلة :
ذاك والله الكرم
عنترة :
اقتحمتني مرتين وانثنت
لم تر من فائدة أن تقتحم
أنثى ضعيفة القوى تركتها
إن الإناث عند أمثالي حرم
صخر :
شبول تربى في البيوت أغابة
حماكم؟
عنترة :
ونحن الأسد في الغاب نسرح
وما لك يا هذا وعبس ودورها؟
وما أنت؟ من هذا الفتى المتوقح؟
صخر :
فتى زائر من عامر من سراتها
وما هو إلا معجب متمدح
عبلة :
جبان ذليل جاء عبسا وماءها
يعرض للإفك العذارى ويفضح
فتاة :
فتى عامر في كربة، أين عامر؟
يكاد فتاها في السراويل يسلح
ناجية :
أسأت به يا عنتر الظن
عنترة :
ما أرى
وأسمع؟ أنثى عنك يا فحل تنضح
صخر (همسا) :
دعينا دعيه لا تزيديه ثورة
ناجية :
تنح إذن قد أوشك الكبش ينطح (ينصرف الجميع فلا يبقى إلا عبلة وعنترة)
عنترة :
يا عبل كم بيداء جبت مخوفة
قذفت إلي بذئبها والضيغم
فلقيت كل مغازل بسلاحه
وجعلت أضرب باليدين وبالفم
أخرت رمحي وادخرت مهندي
وربطت سرجى للكمي المعلم
حتى تراءت ظبية فتملأت
مما رأت رعبا فلم تتقدم
لما رأتني والسباع تنوشني
نفرت نفارك من عيون الموسم
ريم تلفت لم يفتك بجيده
وبمقلتيه وفته بالمعصم
فمنعتها من كل ضار ثائر
وأبحتها الوادي وقلت لها اسلمي
يا ليتنا يا عبل عصفورتان
في غصن ضال أو على فرع بان
في روضة غفل وراء الربا
لم يسقها إلا الغوادي يدان
على جناحيك جناحي وفي
فمي مكان الحب هذا الجمان
عبلة :
لقد وددت فوق ما
شئت لنا يا قسوره
من عيشة وادعة
خاملة مستره
لا بعيون الناس أو
ألسنهم مكدره
عنترة :
لو لم تهيمي عبلتي
بحملاتي المنكره
وليس بي أنا ولا
بسحنتي المحتقره
لقلت إذا دعوتني
يا قمري يا سكره!
عبلة :
هذا السواد يا ابن ع
مي مثل صبغة السحر
كالمسك والكحل هما
في مفرقي وفي البصر
وما يضرك السوا
د يا ابن عمي ما يضر
الكعبة الغراء من
أحسن ما فيها الحجر
البدو في إجلاله
وفي وقاره الحضر
عنترة :
ماذا وددت يا عبي
ل يا حياة عنتره؟
عبلة :
وددت أني صدف
وأنت فيه جوهره
في زاخر لم يدر بعد
الغائصون خبره
وموضع لم يسمع
الفلك به ولم يره
عنترة :
بي أنت يا عبلة بي
لا بل بأمي وأبي
لا بل بعبس بل بنج
د بل بملك العرب (ستار)
الفصل الثاني
المنظر الأول (المكان كما كان في الفصل الأول إلا أن خيمة مالك قريبة جدا تملأ المسرح أو تكاد، ويبدو بابها كأنه ستر مسدول ولا أثر لعين ذات الأصاد، ولا لسائر خيام بني عبس، ويرى مقدم المسرح كأنه طريق عام أمام الخباء. الوقت في الأصيل وقد وقفت عبلة وناجية توصوصان من ثقوب في باب الخباء ثم تتحدثان.)
المشهد الأول
عبلة :
من يا ترى الرجال من؟
أتى الحمى يا ناجيه؟
ناجية :
ضيوفكم من عامر
من السراة العاليه
عبلة :
وفيم يا أخت جاءوا؟
ناجية :
لا أدري ما يطلبونا
عساهمو رسل خير
لعلهم خاطبونا
عبلة :
من عامر أجل عرفت بعضهم
ويخطبون عندنا من يا ترى؟
ناجية :
أظن بنت مالك عالمة
بكل ما جرى ويجري في الحمى
ومن عسى يخطب في الحي سوى
عبلة ربة السناء والسنا؟
عبلة :
هازلة يا أخت أم مجنونة
أنت؟ أجاء القوم من أجلي أنا؟
ناجية :
لا تنكري عبلة لا تجاهلي
لم يبق سرا أمر ذلك الفتى
عبلة :
فتى! وممن الفتى؟
ناجية :
من عامر
عبلة :
وما حداه نحو عبس؟
ناجية :
الهوى
عبلة :
وما اسمه؟
ناجية :
صخر
عبلة :
لعله الذي
في كل مغرب على الماء يرى
ناجية :
كيف أما تهوينه يا عبل
عبلة :
لا
أخطاك ما حسبت يا ناجي لا
ناجية :
يا فرحا خليه لي عبل
عبلة :
اذهبي
به متى أخذته منك متى؟ (تنصرف عبلة من اليسار غير عابئة، وتعود ناجية إلى الوصوصة من ثقوب الخباء، وبعد لحظات يقدم صخر من اليمين متأبطا صرة فيها ثياب.)
المشهد الثاني
ناجية :
عم صباحا يا عامري إلى أين؟
صخر :
إلى عبلة
ناجية :
أيمكن ذاكا؟
صخر :
لم لا؟
ناجية :
عبلة ترى الذئ
ب في جوز الفيافي لكنها لا تراكا
صخر :
ما تقولين؟
ناجية :
لم أقل غير حق
هي يا عامري تهوى سواكا
صخر :
عبلة لي غدا
ناجية :
خدعت ولم يصدق
ك شيطانك الذي مناكا
صخر دع عبلة وخل هواها
وتحول إلى التي تهواكا
صخر :
أنا أهوى سواك يا أخت عبس
ناجية :
امض لا نلت يا غبي مناكا (ينصرف صخر من ناحية اليسار، ثم تتبعه ناجية بعد قليل من التفكير، ثم ينجاب الستار المسدول من ناحية الخباء.)
المنظر الثاني (داخل خيمة مالك وتبدو النعمة على كل ما فيها وقد جلس مالك القرفصاء في جانب وجلس في جواره وفي الجانب الآخر رجال بني عامر. خدم وقوف بباب في صدر الخباء.)
المشهد الأول
مالك :
الجزور الجزور، النار النار،
قرى الضيف ضيفنا اليوم عامر (ينصرف الخدم)
المشهد الثاني
مالك :
يا مرحبا بعامر
العلية الأكابر
حظ لعمري عظيم
الضيفان :
لنحن أعظم حظا
مالك :
سراة عامر عندي
أحد الضيوف :
في دار سيد عبس
آخر :
في البيد مالك قول شائع
نريد أن نعلم منك خبره
ثم نخوض في الذي جئنا له
مالك :
هاتوا اسألوني راشدين برره
ما ذاك؟
الضيف :
إن الناس قد تحدثوا
أنك لن ترضى بغير عنترة
مالك :
صهرا؟
الضيف :
أجل
مالك :
من قال؟ ذاك كذب
أيطمع الأسود أن أصاهره؟
الضيف :
ذلك يا مالك ما قلت لهم (ثم يلتفت حوله)
لا يسمعن ابن الإماء لا يره!
آخر :
عبلة لا تهدى إلى ابن أمة
يرعى الشويهات ويسقي الأبعره
آخر :
أبا عبلة جئناك نخطب عبلة
مالك :
لمن؟
الأول :
لنجيب سيد وابن سيد
لأبيض من فتيان عامر ماجد
وليس لعبد عند شداد أسود
مالك :
ما اسم الفتى؟
الأول :
صخر من ولد الأشتر
مالك :
وهل رأى عبلة؟
آخر :
ألف مره
وسمع الحر حديث الحره
مالك :
أصيخوا لي: أصاحبكم شجاع؟
فعبلة تبغض الرجل الجبانا
أحدهم :
كليث الغاب إقداما وكرا
إذا اعتقل المهند والسنانا
مالك :
أصيخوا لي: أصاحبكم جواد؟
فعبلة تبغض الرجل البخيلا
أحدهم :
يكاد ندى يديه حين يهمي
ينسي حاتم السمح المنيلا
مالك :
أصيخوا لي: أصاحبكم جميل؟
فعبلة تبغض الرجل الدميما
أحدهم :
ألم تره ألم تنظر إليه!
إذن لم تبصر الملك الكريما
مالك :
أصيخوا لي: أصاحبكم فصيح؟
فعبلة تبغض الرجل العييا
أحدهم :
ألم تر قط قسا في عكاظ؟
وسحبانا إذا شهد النديا؟
مالك :
أصيخوا لي: أصاحبكم رقيق؟
فعبلة تبغض الرجل العنيفا
أحدهم :
ستلفيه إذا حملت إليه
وديعا مثل نعجتها ألوفا
مالك :
أصيخوا لي: أصاحبكم غني؟
فعبلة طفلة تهوى الثراء
أحدهم :
سنسكنها القصور كبنت كسرى
ونلبسها الجواهر والفراء
آخر :
ذكرنا شيخ عبس كل شيء
ولم تذكر لنا مهر الفتاة
آخر :
فهيا سل اقترح ما شئت هيا
أألف نجيبة أم ألف شاة؟
مالك :
علمتم أنني مثر غني
فلا أبغي النعاج ولا النياقا
ولست بجاعل مهرا لبنتي
هجان الإبل والخيل العتاقا
أحدهم :
ولكن ما تريد؟
مالك :
أريد شيئا
لو ابتلي الحديد به لضاقا
أحدهم :
إذن فاذكره قله
مالك :
وما انتفاعي
ولو حملت صخرا ما أطاقا
أصيخوا لي: اذهبوا قولوا لصخر
يقدم رأس عنترة صداقا
آخر :
نقول له انتزع قلل الرواسي؟
نقول له اهدم السبع الطباقا؟
نقول له تطالبه بمهر
تضيق به القبائل أن يساقا
آخر :
ولم لا؟ ما هنالك مستحيل
هناك دم سئلنا أن يراقا
أليس المال يصنع كل شيء؟
ويرشو السمر والبيض الرقاقا
ولو هبط الأباطح مال صخر
لغطى الشام أو غمر العراقا
إذا أعياه رأس العبد أغرى
موالي بيته ورشا الرفاقا
مالك :
الآن فهمتمو قد ضقت ذرعا
بعنترة وضقت به خناقا
أريد العبد ميتا ما أبالي
قضى بالسيف أم مات اختناقا
أريد فراقه وأريد حرا
من الأصهار يبلغني الفراقا
إذا ذاق الهلاك لنا عدو
أنسأل عنه أين وكيف ذاقا؟
أحد الضيوف :
في غد نحر وقدر
في غد دف وزامر
انهضوا بورك في الصهر
لعبس ولعامر (يهمون بالقيام)
مالك :
مكانكم يا ضيوف عبس
هنيهة تطعموا المجيعا
مجيع البيد من لبن وتمر
ولا تلقاه إلا عند عبس
إذا الغلمان للأضياف قاموا
فإني خادم ضيفي بنفسي (ثم يخرج ليأتيهم بالطعام)
المشهد الثالث
أحدهم للآخر :
لقد كذبت كثيرا
وقلت والله زورا
قد زدت للشاة شاة
وللبعير بعيرا
وقد صنعت لصخر
مخالبا وزئيرا
وربما طار صخر
إذا رأى عصفورا!
الآخر :
أجل كذبت وما ضر
لست أول كاذب
وكلنا قد كذبنا
لكي نقوم بواجب
لقد خطبنا لصخر
والكذب فن الخواطب
ثالث :
ومالك كيف نسيتم
كلمات قالها
مباهيا ببنته
ومظهرا كمالها
سمعناه يقول ولا يبالي
فعبلة تبغض الرجل الدميما
ولم نر قبل عبلة في البوادي
فتاة علقت عبدا زنيما
سمعناه يقول ولا يبالي
فعبلة تبغض الرجل العنيفا
ولم نر قبل عبلة في البوادي
فتاة علقت ذئبا مخيفا (يدخل مالك حاملا قصعة فيها طعام ومن ورائه غلمان يحملون مثلها، توضع القصاع على الأرض وينصرف الغلمان.)
المشهد الرابع
مالك :
المجيع المجيع يا ضيف عبس
اطعموه اطعموا هنيئا مريئا (يقبل الحاضرون كلهم على القصاع)
أحدهم :
ألبان عبس تفضل العقارا
آخر :
وتمرها كحلم العذارى
آخر :
أفديها من لبن وتمر
آخر (هامسا) :
لا أشتريهما بزق خمر
مالك :
الآن استعملوا الحزم
فما نعلم ما يطرا
بني عامر لا تجروا
لما كان هنا ذكرا
أحدهم :
أبا عبلة لا تخش
سيبقى ما جرى سرا
آخر :
وما ضر إذا نحن
أذعنا الأمر؟ ما ضرا؟
ولم لا نذكر الخطبة
أو لا نعلن البشرى؟
إذن أنت تخاف العبد
أو تخشى له شرا؟
مالك :
أليس الحزم أن نأخذ
من عنترة الحذرا؟
فقد يقتلني وحدي
وقد يقتلنا طرا
ولا يبقي لنا شاة
على المرعى ولا بكرا
أحدهم :
أبو عبلة بالعبد
وما يفعله أدرى
فسيروا بالذي قال
ولا تعصوا له أمرا (يقومون عن الطعام ثم يحيون مالكا ويبدءون في الانصراف فإذا انصرفوا وقف مالك بباب الخباء.)
أحدهم :
في ذمة الله وفي حفظه
مالك
مالك :
محروسين بالله
المشهد الخامس
مالك :
عبل
عبلة (من وراء الستار) :
أبي؟
مالك :
من أين يا
عبلة
المشهد السادس (تدخل عبلة)
عبلة :
من خبائيا
مالك :
وأين تمضين؟
عبلة :
أهي
ب بسقاة شائيا
مالك :
قفي اسمعي لي ساعة
وخففي عنائيا
عبلة :
قل أبي مر
مالك :
إذن تعالي أصيخي
وزهير أخوك أين زهير؟
عبلة :
مع عمرو هناك
مالك (ينادي) :
يا عمرو
عمرو (من وراء الستار) :
لبيك أبي
جئ تعال هيا زهير (يدخل عمرو وزهير)
المشهد السابع
مالك :
عبل أصغي: في أرض نجد شباب
أطلعوا في سمائها أقمارا
منهم الأسد جرأة وثباتا
والقوارين نعمة ويسارا
مثل صخر
عبلة :
ومن بربك صخر؟
عمرو :
عامري من أرفع البيد دارا
زهير :
من بني الأشتر الكثيرين مالا
ونخيلا وضيعة وعقارا
عبلة :
قد عرفت الغلام ذاك الفتى النض
و الذي لا يطيق يقتل فارا
كل يوم مع العذارى كثير الع
جب مستحييا كإحدى العذارى
أترى يا أبي وأنت أخي يا
عمرو كيف انتقيتما الأصهارا
زهير :
وأنا لا أرى عبيلة خيرا
من أبيها ولا أخيها اختيارا
أنت مفتونة بأسود عبد
من بني عمنا تسربل قارا
عبلة :
أوتعني الذي حمى حوض عبس
وكسا البيد سؤددا وفخارا؟
والذي قلد الوقائع والأي
ام عبسا وخلد الأشعارا
يا زهير اتئد متى كانت الألوا
ن تبني وتهدم الأحرارا؟
لم يحط السواد من أسد القفر
ولم يرفع البياض الحمارا
أرأيت السواد قد عبد الليل
كما عبد البياض النهارا؟
مالك :
زهير
زهير :
أبي
مالك :
أصغ عمرو استمع
ويا عبل آن لنا أن نجد
عبلة :
متى كنت هازلة يا أبي؟
مالك :
هزلت ابنتي وأضعت الرشد
وما زلت بالعبد مفتونة
وهيهات بالعبد يرضى أحد
فلا أنا أرضى ولا أخواك
ولا من تدانى ولا من بعد
عبلة :
أعنترة يا أبي قد عنيت؟
مالك :
أجل
عبلة :
وا لعنترة المضطهد!
أبي قد تمكن منك الوشاة
وأثر فيك كلام الحسد
أليس ابن عمي؟ أليس الجواد؟
أليس الشجاع؟ أليس الأسد؟
أما هو مني ومن إخوتي
نمانا أب في الأوالي وجد؟
وفي البيد رد لآبائه
وليس إلى الأمهات الولد
أبي، عنترة ليس
بزنجي ولا عبد
ولم يجلب من النوب
ولم يحضر من السند
ولكن ميسم اللون
كمثل الأسد الورد
فتى كالأسمر اللدن
جميل الشعر الجعد
شجاع ذائع الصيت
جواد واسع الرفد
عمرو :
أبي، سدى تراجع المفتونا
وعبثا تخاطب المجنونا
زهير :
فمر يكن ما شئت أن يكونا
مالك :
الأمر يا عبل ما تأمرينا
فالشأن يعنيك ليس يعنينا
عبلة :
ذاك أمر الرأي فيه لعمرو
وزهير وليس لي الرأي فيه
يا أبي أعقد على زهير لصخر
أو فزوجه يا أبي من أخيه
مالك (في دهش) :
أزوج الرجال بالرجال
ذاك لعمري منتهى الخبال
زهير :
استهترت أختي فما تبالي
مالك :
إذن يا عبل أصررت؟
عبلة :
أجل وليك ما كانا
فلن أرضى سوى عنتر
ة ابن العم إنسانا (ثم تخرج غاضبة)
المشهد الثامن
مالك :
إذن فانتظري يا عب
ل للعبد ولي شانا (يخرج في إثر ابنته، ويقبل صخر من ناحية الطريق من جهة اليسار ومعه الصرة التي كان يحملها في المنظر الأول.)
المشهد التاسع
صخر :
عمرو زهير؟ عجب
الحظ صديقاي هنا!
يا طيبها لقاءة
عمرو :
لله ما أسعدنا
أهلا بصخر مرحبا
بالقمر العالي السنا
ما هذه الحلة ما
أظرفها ما أحسنا
زهير :
أصنعة الشام؟
صخر :
ولم
لا تذكران اليمنا؟
صنعاء أعلى من دمش
ق سلعة وثمنا
عمرو :
تلك أمور يا أخي
يعرفها أهل الغنى
زهير :
وما ذلك؟ ما المندي
ل يا صخر وما فيه؟
صخر :
ثياب مثل أثوابي
من الوشي وغاليه
لكل منكما ثوب
إليه جئت أهديه (يفرد الصرة فيتناول كل منهما حلة)
زهير :
عمرو تأمل يا لها حلة
لله ما أبهى وما أبهجا
الحق ما قال فتى عامر
صنعاء أعلى بلد منسجا (يرى في الصرة طرحة من حرير فيتناولها)
وتلك عمرو؟
عمرو :
طرحة
مثل ذنابي الطاووس
كمثلها ما لمست
في الوشي كف لامس
عمرو (مبتسما) :
هدية لعبلة؟
صخر :
مجلوبة من فارس
زهير :
خلنا صخر من هداياك قل لي
كيف أزمعت أن تلاقي عنترة؟
صخر :
غدا على العبد أصب النحسا
عبدين من شر العبيد نفسا
ومن أشدهم قوى وبأسا
إن صارعا جلمود صخر صرعا
أو قارعا ضيغم غاب قرعا
أو رميا الشمس أصابا المطلعا
غضبان وهو المنيه
ومارد وهو حيه
كلاهما جنيه
ها هما أقبلا تأملهما يا عمرو (ينظرون إلى شبحين قادمين من ناحية اليمين)
عمرو :
ماذا أقول جنيان
ولمن يا ترى هما؟
صخر :
السابق الأول
عبدي وقد شريت الثاني (يدخل العبدان غضبان ومارد)
المشهد العاشر
تعال غضبان قل لصخر
كم أسد صدت؟
غضبان :
نحو ألف
عمرو :
ألف؟ أفي اليد ألف ليث
لو قلت ليثين كان يكفي!
زهير :
وكم ذئبا قتلت؟
غضبان :
اثنين
عمرو :
ماذا؟
غضبان :
قتلت عداد ناصيتي ذئابا!
زهير :
وكنت إذا بعثت لها سهاما
وجئت تجسها وجدت كلابا!
وأنت يا مارد قل
لي كيف صيدك الأسد؟
مارد :
أصيده إذا أتى
لبطن واد فرقد
وكنت فوق نخلة
يزل عنها من صعد
والقوس في حضني كما
تحتضن الأم الولد
وكانت السهام في
كنانتي بلا عدد
هناك أرمى فأسل
الروح من أصل الجسد
في حائط التامور إن
شئت وفي ركن الكبد
عمرو :
غضبان
غضبان :
لبيك
عمرو :
أجبني
غضبان :
سل مر
عمرو :
كيف لقا عنترة الغضنفر؟
غضبان :
وجها لوجه؟
زهير :
لم لا؟
غضبان :
لا أجتري
زهير :
كيف تبيعه إذن وتشتري؟
غضبان :
أقذفه من فرسخ بخنجر
أتركه كالتيتل المعفر
صخر :
وأنت يا مارد لست تجهله
مارد :
من يجهل الليث؟
صخر :
فكيف تقتله؟
مارد :
آتي لرأس جبل فأنزله
وثم
صخر :
ماذا؟
مارد :
لي سهم أرسله
يودع الحياة
من يستقبله (يتهامس الثلاثة لحظة، ثم يتجه عمرو وصخر ناحية اليمين لينصرفا.)
عمرو :
الخير في العبدين
سيرا امضيا راشدين (يخرج عمرو وصخر وينصرف العبدان من ناحية اليسار وتسمع ضجة تتعالى شيئا فشيئا، وصياح وعويل، فتظهر عبلة من الباب الذي في الصدر، فزعة مضطربة.)
المشهد الحادي عشر
أصوات من الخارج :
وا ولدا! وا كبدا! وا أسدا!
عبلة :
زهير ما الضجه؟
ما هذه الرجه؟
زهير :
أحسبها قافلة
مدبرة منهزمة
تعرضت لفاتك
فردها محطمه (يسمع صوت مناد ينادي)
الصوت :
يا معشر البيد اسمعوا
بشرى لكم أهل الخيم
بظهر عبس ووراء ال
حي إبل وغنم
ألفان أو ما نحو ذا
ك من كرائم النعم
كانت إلى كسرى تساق
وإلى أرض العجم (يسمع صوت مناد آخر من ناحية أخرى)
الصوت :
وراء الحي يا عبس
من الأنعام ألفان
جنى عنترة الفلحا
ء من أسلاب سرحان
وكانت في الفلا تزجى
إلى كسرى بن ساسان
ألا فليعلم القاصي
من الخيمات والداني
بأن الليث قد جاد
على الحي بقطعان
زهير :
من الليث؟
زهير :
لحاك الله
هل في البيد ليثان؟ (يمر على الطريق رجال ونساء هم فلول القافلة المسلوبة في هيئة ذعر واضطراب داخلين من اليمين.)
المشهد الثاني عشر
أحدهم :
وذراعي وأين مني ذراعي؟
آخر :
أين ساقي قد طير السيف ساقي؟
امرأة :
نعلي، تركت في القتال نعلي
أخرى :
أما أنا خلفت فيه بعلي
آخر :
وافرسي ما حال بين
ه وبين صاحبه!
أي جبان حطني
عن سرجه وطار به؟
عجوز [باكية]
لهفي على فوارس من قومي
ناموا على العراء شر نوم
يا ليتني لم يتأخر يومي
عبلة :
تلك العجوز ثاكله
تبكي ابنها في القافلة
يا أم ماذا دهاك
أوجع قلبي بكاك؟
العجوز :
عشرون من بواسل الفرسان
تحت لواء ولدي سرحان
عبلة :
سرحان ليث الضرب والطعان؟
العجوز :
أجل تركتهم على المكان
وليمة الحداء والغربان
عبلة :
إذن سرحان في القتلى
لك الرحمن من ثكلى
من المغير؟
العجوز :
عصبة
عبلة :
من الزعيم؟
العجوز :
عنتره
عبلة :
عنترة يفعل أفعال
اللصوص الفجره؟
العجوز :
لا يا ابنتي ظلمته
عنترة لم يبتدي
عنترة كالليث عن
د شبعه لا يعتدي
عبلة :
من بعث الحرب إذن
ومن جناها؟
العجوز :
ولدي
ثكلت على الدرب خير البنين
وفاجأنا في الطريق الهبل
وكنا ثلاثين غير الرعاة
من امرأة معنا أو رجل
وكان السوام كثيرا يضيق
به السهل أو يتغطى الجبل
وكنا نيمم أرض العراق
لنجتازها
عبلة :
نحو كسرى؟
العجوز :
أجل
عبلة (غاضبة) :
لتعطوا الرشا وتنالوا المنى
ويمنح سرحان بعض العمل
ويحكم في البيد باسم الهمام
وتحت ظبى فارس والأسل
ذليل بباب أنو شروان
وعند الخيام العزيز البطل
إلى كم تهيمون تحت النجوم
وتفترقون افتراق السبل؟
فنصف قطاع رعتها الذئاب
ونصف على البيد فوضى همل
وليس لكم دولة في الوجود
وتسحبكم كالذيول الدول
ألم على حوضكم قيصر
وكسرى على جانبيه نزل
ويحكمكم تحت نير الغريب
ومهمازه الأدعياء الدخل
هم الأمراء وقد يرتدون
بباب الأعاجم ذل النذل
أحدهم :
سمعت!
آخر :
ما ذاك
الأول :
سمعت الناعيه؟
فهمت!
الثاني :
فارقني
تزحزح ناحيه
الأول (لعبلة) :
يا لك من مكابره
تطعن في الأكاسره
وتلعن المناذره!
الآخر :
عبلة تنطق الذهب
لو كنت تعقل الخطب
الأول :
وما الذي ترمي له؟
عبلة :
أرمي لتحرير العرب
الأول :
تحريرهم؟ مم؟
عبلة :
من القيد
الأول :
وكيف قيدوا؟
عبلة :
الفرس والروم استرقوا قومنا واستعبدوا
الثاني
لأخيه :
ما لي إذن؟
الأول :
ماذا؟
الثاني :
لا قيد في رجلي
وأنت والناس
جميعكم مثلي!
عبلة :
ألا بطل نلتقي حوله
كإسرال
1
حول لواء الرسل؟
يفك من الرق أعناقنا
كما فك موسى رقاب الأول
الأول :
وجدناه؟
صوت :
من ذاك من يا ترى
يكون؟ تكلم لك الويل قل
عبلة :
أتنسون عنترة العبقري؟
صوت :
أيحكمنا العبد هذا خبل!
لبئس أمير الرجال الغراب
وبئس الدليل إذا ما حجل
الأول :
أتجحد عنترة؟
آخر :
خله
فما جد في قوله بل هزل
عبلة :
ما بالكم جبنتمو
يا عبس قوما ونسا؟
حتى رمى هذا الفتى
عنترة بما رمى
أليس في أرجلكم
نعل وفى الأيدي عصا؟ (يهجمون على من سب عنترة ويضربونه)
الأول :
ما لك يا فتى بلغ
ت في الوقاحة المدى؟
آخر :
ماذا الذي غرك يا
كلب بضرغام الشرى؟
المضروب :
وأنت ما يعنيك من عنترة
وما الذي يعنيك من شأني أنا؟
عبلة :
صدقت ما كنت لتعني أحدا
لو لم تخض في الفرقد العالي السنا
أما ابن شداد فذخر قومه
يهم من راح ويعني من غدا (يسمع صوت عنترة من وراء الستار قادما من ناحية اليسار.)
عنترة :
يا بيد ها أنا ذا أنا
حامي حماك ورب غابك
إن كنت جاهلتي اخرجي
بجميع ظفرك لي ونابك
هات أسودك كلها
هات الكواسر من ذئابك
أحدهم :
يا رجال الفرار قد طلع اللي
ث علينا هيوا الفرار الفرارا (يفرون جميعا من ناحية اليمين وتبقى عبلة وحدها)
المشهد الثالث عشر
عنترة (من وراء الستار) :
أيا عبل
عبلة :
من الطارق؟
من بالخيمة استذرى؟
من الهاتف من؟ (يدخل عنترة)
المشهد الرابع عشر
عنترة :
عنترة العبسي
عبلة :
يا بشرى!
عنترة :
تعالي ظبية القاع
أجيري أسد الصحرا
الفصل الثالث
المنظر الأول (المنظر في وادي الصفا على مقربة من حي بني عامر على سبيل مطروق. عيون ونخيل وأشجار؛ عقلت عبلة بعيرها تحت شجرة منها، على بعد قليل. أناس يغدون ويروحون على الطريق.)
المشهد الأول
عبلة :
قل لي بربك من تحب
ومن تحبك يا بعير
أي النياق فإنهن
على مراعينا كثير
وهل اكتفيت بناقة
أم أنت كالعبسي زير؟
تلهو بما دفع الرواح
إليك أو ساق البكور
متنقلا بين البيوت
على عقائلها يدور
ما حق عنتر عندنا
إلا التجنب والنفور
ما لي تملك مهجتي
عبد على عبس أمير!
لو يجمع العرب السرير
لجاءه يسعى السرير
كالليل إلا أنه
في عيني القمر المنير
حسدتني الدنيا علي
ه وكل محسود خطير (تتسلى عبلة بإطعام بعيرها بينما يمر في الطريق ثلاثة فتيان، فيلمحون عبلة.)
المشهد الثاني
قراد :
بجير ماذا ضر لو
أنا أتينا الشجره
هلم نلهو ساعة
بالغادة المنتظره
بجير :
أأنا مجنون أنا
ألهو بريم القسوره
لا يا أخي لا أجتري
على لباة عنتره
الثالث :
صه صه بجير حس
ب يا قراد ثرثره
دعا الفضول وابعثا
تحية معطره
ما تلك إلا عبلة
ما عبلة بنكره (ينصرف من الجانب الآخر ويسمع صوت عنترة من وراء الستار.)
المشهد الثالث
عنترة :
يا عبل
عبلة (لنفسها) :
من ذا ينادي عبل؟ عنترة؟
عنترة :
يا عبل
عبلة (لنفسها) :
تلك لعمري نبرة الأسد
هذا هو الحب هذا اسمي على فمه
يأتي من القلب أو يأتي من الكبد
يردد اسمي في البيداء منفردا
وربما نسي اسمي غير منفرد
عنترة :
يا عبل أين جبين لست ساليه
طلق البشاشة حلو كالصباح ندي؟
وأين يا عبل فرع كان فاغيتي
وكان لهوي إذا ضفرته وددي؟
ولي يد خشنة الأظفار أنقلها
من الغدائر أحيانا إلى اللبد
تعيث من شعر الغادات في خمل
حينا ومن شعر اللبوات في زرد (يقبل عنترة وفي إثره داحس، فيختفي داحس وراء الشجر بعيدا عن المسرح.)
المشهد الرابع
عنترة :
من أرى؟ عبلة؟
عبلة :
من؟ عنترة؟
عنترة :
مهجتي عبلة ماذا تصنعين؟
عبلة :
خرجت للنزهه
على الصفا وحدي
أقضي هنا برهه
أبث ما عندي
خميلة الألبان
وروضة الرند
عنترة (مشيرا إلى البعير) :
وذاك يا نور عبس؟
عبلة :
هذا بعيري صباح
ربي معي وبعيري
تحتي، وهذا السلاح (وتريه سلاحها على هودج البعير)
عنترة :
أمثلك عبل تخشى بأس شيء
وتتخذ الكنائن والرماحا
لقد قرن اسمك المحبوب باسمي
أما يكفي اسم عنترة سلاحا؟
عبلة :
من أين يا ابن العم؟
عنترة :
من عالم البيد
عبلة :
كم من فتاة كم
ماذا من الغيد!
يقولون عنترة لم يقف
بحي من البيد إلا خطب
فقال لهاتيك ما تشتهي
وغازل تلك وأخرى أحب
خلائله صرن مثل الحصى
عنترة :
وأنت أصدقت هذا الكذب؟
أحاديث لفقها حسدي
وقد يخلق الحاسدون الريب
عبلة :
وأخت سعد؟
عنترة :
ما لها؟
عبلة :
ألم تقد بعيرها؟
وما نسيت في ظلام
الليل أن تزورها (ويسمع حفيف في أوراق الشجر ووطء أقدام، فيقبل داحس مذعورا.)
المشهد الخامس
داحس :
سيدي سيدي خذ الحذر
عنترة :
ماذا داح؟
داحس :
أحسست أرجلا ودبيبا
عنترة :
لا تخف داح
داحس :
بل أخاف وأخشى
خطرا ماثلا وشرا قريبا (يعود داحس من حيث أتى)
المشهد السادس
عبلة :
وعاتكة؟
عنترة :
كيف صنعي بها؟
عبلة :
بعثت إليها بجلد النمر
عنترة :
وكيف وأين؟
عبلة :
لقد كان ذاك
فلا تتنصل ولا تعتذر
وهند بنت عامر
ألم تجئها في الخبا؟
وابنة بسطام ألم
تنثر عليها الذهبا؟
وابنة شيبان ألم
تطربها مشببا؟
عنترة :
قد زوروا واختلقوا
وحدثوك الكذبا
رحماك يا عبل
عبلة :
دعني
وامض اشتغل بالخلائل
عنترة :
من قال ذاك؟
عبلة :
كثير
هذا حديث القبائل
عنترة :
لا وعينيك وأعظم بالقسم
وفم عن غرة الصبح ابتسم
لم أنم يا عبل عن عهد الهوى
من رعى أمرا عظيما لم ينم
اذكري يا عبل أيام الصبا
حين أسقي بين عينيك الغنم
وشويهاتك حولي أنس
يغترفن الماء من راحي السحم
إن حضرت الماء حامت وارتوت
أو تولى الماء غيري لم تحم
اذكري إذ أنت طفل حلوة
قد كساك الحسن فرعا لقدم
إذ تجيئين بصبيان الحمى
وصبايا الحي في ظل الخيم
فتقصين عليهم خبري
مع ذئب القفر أو ليث الأجم
أنا يا عبلة عبد في الهوى
وأنا يا عبل في القربى ابن عم
اطلبي الإيوان أحمله على
راحتي كسرى وهامات العجم
أو سليني الهرم المشهور يا
عبل أجلب لك من مصر الهرم
أو سليني البيد مهرا أو سلي
ما وراء البيد من حمر النعم
أو تعالي فخذي أشرف ما
قلد الإنسان: سيفي والقلم
رب خيل قدت حتى قادني
وحوى رقي بنان كالعنم
وليوث صدت حتى صادني
رشا القاع ورعبوب الأكم
قد رعيت النجم حتى ملني
وتعهدت الدجى حتى سئم
أشتهي طيفك في حلم الكرى
فيقول الليل لي أين الحلم؟ (وفي هذه الأثناء يظهر مارد وغضبان من وراء الشجر وفي غير الناحية التي اختفى فيها داحس فيسدد أحدهما سهمه إلى ظهر عنترة فتراه عبلة وتضطرب فيصيح عنترة بالرجل دون أن يلتفت إليه.)
المشهد السابع
عنترة (ضاحكا) :
حذار يا وغد حذار يا لكع
الليث لا يقتله الكلب فدع (يقع القوس من الرعب من يد مارد ثم يخر هو نفسه إلى الأرض ميتا ويفر غضبان.)
قد وقعت من يده وقد وقع
المشهد الثامن
عنترة :
قد كان لا بد أن أراه
لليث عينان في قفاه
سيري انظري مات ورب الكعبة
زمجرة الليث الهصور صعبه
بل اسمعي عبل اسمعي كلامي
لولاك لم أنج من الحمام
قد كنت أنت صنمي قدامي
لك اتجاهي وبك اهتمامي
رأيت في عينيك قوس الرامي
ويده في جعبة السهام
عبلة :
وما رأيت؟
عنترة :
رأيت العين حائرة
والوجه لونه الإشفاق ألوانا
وقف شعرك وانسابت غدائره
كما أثرت وراء الليل ثعبانا
وقام صدرك كالمنفاخ مجتهدا
لا يفرغ الريح إلا ارتد ملآنا
فقلت شر ورائي لست أبصره
في عطف عبلة لما روعت بانا
ولاح لي الحب في عينيك مرتسما
لم تستطيعي له يا عبل كتمانا
عبلة :
الحب! كيف عرفت الحب؟
عنترة :
منك ومن
عينيك
عبلة :
قد تكذب العينان أحيانا
عنترة :
لا عبل، لا إن عين الحب صادقة
وما تعودت من عينيك بهتانا
عبلة :
أجل ولكن قديما كان ذاك أجل
هذا السواد لعيني كان إنسانا
عنترة :
واليوم؟
عبلة :
ما لك في قلبي الجريح هوى
اليوم عنتر من أحببت قد خانا
عنترة :
دعي الوساوس والأوهام عنك دعي
يا عبل جري على ما قيل نسيانا (يسمع وطء أقدام)
عبلة :
عنتر تلك ضجة
فلتتوار ناحيه
لا يجد الواشي إلينا
سبلا والواشيه (يختفيان وراء الشجر ويقبل من ناحية أخرى مالك وضرغام وزهير كأنهم مارون بالطريق ويتشاغل زهير بالشرب من ماء عين أو بشيء من مثل هذا.)
المشهد التاسع
ضرغام :
سيد الحي
مالك :
ألف لبيك ضرغام
تكلم أثم شيء تقول؟
ضرغام :
سيد الحي عبلة اختارها القلب
فهل لي إلى الزواج سبيل؟
مالك :
والمهر يا ضرغام
ضرغام :
مهر
عبلة؟ اقترح تره
قدره أو خل إلى
عبلة أن تقدره
وغاليا ما شئتما
فيه وظنا المقدره
مالك :
المهر يا ضرغام غال
فاجتهد أن تحذره
ضرغام :
سل تاج كسرى واقترح
عمامة المناذره
سل سبحة القيصر أو
فاطلب صليب القيصره
مالك :
المهر فوق ذاك
ضرغام :
قله
لا تخف أن تذكره
مالك :
اسمع إذن أصخ له
المهر رأس عنترة
ضرغام (لنفسه) :
له الويل ماذا قال؟
مالك :
قد وجم الفتى
ضرغام :
أبا عبلة اذكر هول ما أنت سائل
مالك :
جبنت!
ضرغام :
معاذ الله ما الجبن في دمي
مالك :
فلم ضقت ذرعا؟
ضرغام :
مهر عبلة هائل
أأمشي إلى الفلحاء أخطف رأسه
فداء الذي أمشي إليه القبائل
كريم لعمري والكرام قد انقضوا
شجاع وشجعان الرجال قلائل
إذا قال بز القائلين رنينه
وما بزه في أيكة البيد قائل
هزار البوادي طارحته بشجوها
رباها وغنت في صداه الخمائل
وما بيننا ثار، ولا بين أهله
وأهلي عداوات خلت وطوائل
مالك :
وعبلة يا ضرغام؟
ضرغام :
وما شأن عبلة
مالك :
أليس فداها في الحجاز العقائل؟
ضرغام :
أجل وفداها الشمس ما التفت الضحى
عليها وما رفت عليها الأصائل
مالك :
أأنت تخاف العبد؟
ضرغام :
لم لا أخافه
تخاف وترجى في الرجال الفضائل
وإن ابن شداد وإن ذاع بأسه
فتى ملء برديه عفاف ونائل
من العصبة المسطور في البيت شعرهم
قصائدهم أستاره والوصائل
مالك :
فما لك مصفرا كأنك هالك
من الخوف قبل الطعن والضرب زائل؟
تعال زهير اسمع حسبناه حائطا (يقبل زهير)
زهير :
فما هو؟
مالك :
ركن في العواصف مائل
وأملته سيفا فلما لبسته
إذا هو عود أنكرته الحمائل
وقلت غمام يمطر الحي في غد
فكان جهاما ما لنا فيه طائل
وقلت كليب نستطيل بصهره
إذا هو كلب
ضرغام :
ضل ما أنت قائل
وأقسم لولا ظبية تحت خيمة
وغصن حوته في الحجال الغلائل
لما رحت إلا جثة في الثرى لقى
وغالتك من قبل المغيب الغوائل
مالك :
تجرأت يا ضرغام
ضرغام :
ما تلك جرأة
ولكن كما قد كلت لي أنا كائل
مالك :
كفى حسب يا ضرغام حسب وقاحة
فما أنت إلا مكثر الزهو خائل
لقد قلت قولا شف عما وراءه
وقامت على لؤم النجار الدلائل
ولا يرفع الأبطال أنك منهمو
فما هذه للباسلين شمائل
وما لك كالأبطال سيف تجيله
ولكن لسان بالسفاهة جائل
أيذكر عبد السوء في كل قفرة
وذكرك يا ضرغام في البيد خامل
أما أنت كالفلحاء صنديد قومه
أما لك كالفلحاء سيف وعامل؟
ألا حسد للعبد؟
ضرغام :
لا، لست حاسدا
ولا أنا للنار الأكولة حامل
أأحسد من يحيا العفاة بماله
ويأوي اليتامى ظله والأرامل؟
أأحسد من لا يعصم البيد غيره
إذا زحفت من أرض كسرى الجحافل؟
أأحسد من يرجى لتأليف قومه
إذا افترقت تحت الملوك القبائل؟
مالك :
يؤلفنا عبد! أما ثم سيد
عن العبد يغنينا أما ثم عاهل؟
إذن فليسمنا الخسف كسرى وقومه
وقيصر والروم الجفاة الأراذل
أيمنعنا عبد؟ إذن نحن عزل
فأين عوالينا وأين المناصل؟
ضرغام :
لقد عيل صبري للذي أنا سامع
مالك :
إذا الصبر لم ينفد فما أنت فاعل؟
ضرغام :
عقاب ينسيك الوقاحة عاجل
وآخر متروك إلى الغد آجل
مالك :
رويدك يا ضرغام ما لك هاذيا
وما لك قد ضاعت لديك المنازل؟
فما العبد إلا كالدخان وإن علا
إلى النجم، منحط إلى الأرض سافل
ضرغام :
تعال تأهب (يمسك بكتفه فيهزه هزا)
مالك :
كاهلي خل كاهلي
ضرغام :
أقالب زبد ذاك أم ذاك كاهل
زهير (صائحا) :
هلموا سراة الحي هاتوا رجالكم
مالك :
إلي فعبس فاجأتها النوازل
يا عبس (ويرى عنترة قادما فيجري نحو الحي هو ومعه زهير)
عنترة؟
المشهد العاشر
عنترة (من وراء الستار) :
لبيك ما بكم
خوف من السيل أم خوف من النار؟
الله أمن بالفلحاء سربكمو
أفعى الصريم وليث القفرة الضاري (يظهر عنترة)
المشهد الحادي عشر
عنترة :
من الفتى من أرى؟ ضرغام أنت هنا
أغارة؟ أين عهد الجار للجار؟
أجئت تسبي مهاتي؟
ضرغام :
جئت أخطبها
عنترة :
ما أجمل الصدق لم يلبس بإنكار
فما جرى؟
ضرغام :
نال منا مالك وبغى
عليك بالشتم هذا العائب الذاري
حتى انصرفت إليه كي أؤدبه
عنترة :
يا ليت أدبته تأديب جبار
ضرغام
ضرغام :
عنترة
عنترة :
اسمع بيننا شرك
في حب عبلة قد يدنو من الثار
فاجعل لنفسك أنثى غيرها أربا
فإن عبلة آرابي وأوطاري
ضرغام :
وأنت فاعبد سواها إنني رجل
جعلت عبلة أوثاني وأحجاري
تعال نذهب إلى شمس النهار معا
نقول عبلة قد خيرت فاختاري
فما ترى أنت؟
عنترة :
رأيي أن نصير إلى
جمال تضحية أو فضل إيثار
رأسي ورأسك في الميزان قد وضعا
وحكم سيفك أو سيفي هو الجاري
من مات منا قضى حق الهوى كرما
وليس بالموت دون الحب من عار
ضرغام :
رأيت عنتر رأيا لست أتبعه
يأباه حبي وإعجابي وإكباري
والله لا جمعتنا ساحة
عنترة :
لم لا؟
الحرب تجمع مغوارا بمغوار
ضرغام :
هبني قتلتك
عنترة :
ماذا ضر؟
ضرغام :
كيف إذن
تكون في البيد أنبائي وأخباري
ألست شبلا فتيا من شبولتها
فهل أجرب في الرئبال أظفاري؟
وكيف أفلق رأسا ملؤه شرف
أحق من جبهات الروم بالغار؟
وكيف أضرب عنقا في أمانتها
كرامة القوم من بدو وحضار؟
وكيف أرمي لسانا طالما سقيت
بشهده البيد من شرب وسمار؟
عنترة (ينادي) :
يا عبل
عبلة (من وراء الستار) :
لبيك يا ابن العم (تقبل عبلة)
المشهد الثاني عشر
ضرغام :
أنت هنا؟
عبلة :
أجل
ضرغام :
إذن سمعت ما قيل أذناك؟
عبلة :
أجل علمت بما قد دار بينكما
عنترة :
فما ترين؟ لعل القول أرضاك
يا عبل حبك في لحمي جرى ودمي
وقد يحبك ضرغام ويهواك
ضرغام :
أحبها حبي العزي وأعبدها
عبادة اللات
عنترة :
بنت العم بشراك
ضرغام :
ولو يطاف بغير البيت في زمني
ما طفت يا عبل إلا حول مغناك
عبلة :
ماذا تقول ابن عمي بم تبشرني؟
بشرى بماذا؟
عنترة :
بهذا العاشق الباكي
عبلة (لنفسها) :
يحبني؟ رب أشقيت الفوارس بي
فلا أتيم إلا المعلم الشاكي
عنترة :
عبل اسمعي عبل هذا الحب كيف أتى
هل كان في فترات الدهر يلقاك؟
عساه جاءك يشكو الحب من زمن
لعله بالهوى من قبل ناجاك
ضرغام هات تكلم
ضرغام :
أنت تظلمني
فما نصبت لعبس قط أشراكي
قولي لعنترة يا عبل ما خلقي
كما يقول ولا في شيمتي ذاك
هل التقينا على ذات الأصاد ضحى
وهل لقيتك إلا في عذاراك؟
وهل نظرتك إلا خاشعا خفرا
كما نظرت وراء الستر عزاك
عنترة :
الآن يا عبل تختارين راضية
هاك الخطيبين قد مدا يدا هاك
عبلة :
إني قد اخترت يا ابن العم من زمن
عنترة :
من؟
عبلة :
سيدي! (تندفع إليه)
عنترة :
عبدك الوافي ومولاك! (تسمع ضجة وقعقعة سلاح وأصوات استغاثة من الحي كأنها من بعيد.)
عبلة :
يا ويح أذني صيحة وفوارس
ما ذاك عنتر؟
عنترة :
غارة وصياح
عبلة :
ضرغام عنتر ما مقامكما هنا
والحي ثم مروع يجتاح (يقبل داحس مضطربا)
المشهد الثالث عشر
عنترة :
ماذا وراءك داح ما دهم الحمى؟
داحس :
فئة عليهم شكة وسلاح
وطئت تراب المهد أرجل خيلهم
ولها عليه نشوة ومراح
عنترة :
أمن البوادي؟
داحس :
بل غساسنة على
قسماتهم أثر النعيم صباح
في ظل دجلة والفرات ترعرعوا
وغدوا على وشي الرياض وراحوا
أولاد لخم والذين رمى بهم
أرض العراق تطلع وطماح
جاء الحجاز بهم ومكة والتقت
فيهم جبال حولها وبطاح
نشئوا هناك فما تصلب منسر
لهمو ولا بلغ التمام جناح
عنترة :
ما يبتغون؟
داحس :
أظن رأسك سؤلهم
هتفوا به حول البيوت وصاحوا
أنسيت سرحانا وكيف قتلتهم
وفوارسا بهما بسيفك طاحوا
ضرغام :
ما القوم؟
عنترة :
عسكر رستم
ضرغام :
من رستم؟
عنترة :
بطل له شرف وفيه سماح
وفتى يعظمه العراق وصاحب
كسرى إليه بأنسه يرتاح
عنترة (لداحس) :
ما شكله؟ ما لونه؟ ما وجهه؟
داحس :
ريان أبلج ناعم وضاح
ضرغام :
هذا الجمال، فما شجاعة رستم؟
داحس :
موت لمن يمشي إليه متاح
عنترة :
وثيابه؟
داحس :
زرد الحديد وبرنس
صاف على أعطافه ووشاح
قد حف ساعده السوار ورف في
أذنيه قرط اللؤلؤ اللماح (تزداد الضجة وتقترب الأصوات)
ضرغام :
اسمع لواء البيد أصغ لصوتهم
هذا النداء يزيد والإلحاح (يسمع صوت رستم)
الصوت :
العبد! رأس العبد
عنترة (لداحس) :
امض فقل لهم
رأسي لهم في منكبي مباح (ثم يواجه الأشباح القادمة من بعيد)
يا قوم لم أفهم نداءكم اعزبوا
إذ ليس في لغة الأسود نباح
ويح لرأسي قد غدا كرة لهم
راح تجيء به وترجع راح
كثروا عليه في الطلاب ودونه
تتقطع الأسياف والأرماح (يقبل جماعة من الحي هاربين وينصرف عنترة وضرغام للقاء المهاجمين.)
المشهد الرابع عشر
عنترة (من وراء ستار) :
لبيك يا أسوار تعلم أينا
يبكى عليه في غد ويناح
عبلة (للقادمين) :
حييتمو عبس عموا مساء
عبس اسمعوا الزئير والعواء
قوموا انظروا عنترة اللواء (يشرف الكل على المعركة الدائرة من وراء الستار)
أحدهم :
على قدم
حيو العلم
ليث الأجم
عنترة (من وراء الستار) :
عبل عبل
عبلة :
لبيك ألف لب
أحدهم :
ذاك عبد شداد انقلب
عبلة :
بل لواء عبس وفتى العرب
أنصتوا اسمعوا الرعد في السحب
تلك صرخة الليث في القصب
أحدهم :
وآخر ليس له دون أخيه بأسا
عبلة :
أجل
الأول :
ضرغام العضب الحسام
مبيد الضيغمين بشعب خبت
آخر :
أجل ضرغام الموت الزؤام
المنظر الثاني (نفس المنظر بعد زمن قصير، لا تزال عبلة ومن معها من بني عبس يشرفون على المعركة، وإن كان يبدو أنهم قد تأخروا في المسرح إلى مكان أبعد من مكانهم في المنظر الأول قليلا. في مقدمة المسرح من ناحية أخرى جماعة قليلة من بني لخم أنصار الفرس وبيد أحدهم صندوق وحديثهم يكاد يكون همسا.)
المشهد الأول
واحد من بني لخم :
ما ذاك؟ ما الصندوق؟ ما بأكفكم؟
حامل الصندوق :
السلم يا إخوان والإصلاح
العبد رأس العبد بشرى فارس
اليوم كل محلة أفراح (يفتح الصندوق فيرى فيه رأس قتيل مغطى)
آخر :
أبرأس عنترة أتيتم؟ ما له
ينزو؟ وما للستر عنه يزاح؟
آخر :
أتراه حيا!
آخر :
هل جننت؟
الأول :
إذن قضى
وتخلصت من غولها الأرواح
آخر :
من ذا الذي ذبح الغضنفر؟
الجماعة :
رستم
فحل العراق وكبشه النطاح
آخر :
حطوه ننظر . يا إلهي ما أرى؟ (يكشف القائل الرأس)
ويل لهم أي الرءوس أطاحوا؟
ما ذاك عنترة ولكن رستم
من يا ترى الجاني من السفاح؟
آخر :
من غير عنترة يجندل رستما
قد كان بين الضيغمين كفاح؟
ما تنظرون الرأس في الدم غارقا
وعليه من كل الجهات جراح؟
لهفي على قسماته وجبينه
عفت البشاشة وانطفا المصباح
آخر (صائحا) :
يا لكسرى ونواحي فارس
لقتيل حول عبس دارس
فتك العبد بحر فارسي
قائد الجحفل أسوار العراق
يا بني المنذر آل الأشهب
شرف الفرس ومجد العرب
قد صحبتم رستما في الموكب
فاركبوا في ثاره الخيل العتاق
بيننا يا عبس يوم ذو نبا (تتجه الجماعتان بنو عبس وبنو لخم بعضها إلى بعض.)
بنو عبس :
مرحبا باليوم أهلا مرحبا
أحدهم :
هذه السمر أعدت والظبى
أرهفت وانتظرت يوم التلاق
عبلة :
أولاد لخم
آخر :
من المنادي؟
آخر :
عبلة
الأول :
من تلك؟
الآخر :
بنت مالك
عنترة جن في هواها
والبنت جنت به كذلك
آخر :
لبيك لبيك أخت عبس
عبلة :
ألا أنبيكمو بأمس؟
ما نحن إلا أبناء جنس
نحن بنو الشمس والصحارى
لا تحفلوا رستما دعوه
خلوه للفرس يثأروه
ولا يقاتل أخا أخوه
منكم ولا تخذلوا الديارا
حشرتمو تحت كل رايه
وأسرجوكم لكل غايه
وسعتمو الملك والولايه
لكل كسرى وكل دارا
قبيلة تحت حكم كسرى
وقيصر الروم دان أخرى
أصبحتمو للغرب جسرا
يركبه كلما أغارا
أحدهم :
ماذا تقولين يا فتاة؟
أيترك القائد الغزاة
كأنه في الطريق شاة
وذابح الشاة قد توارى
عبلة :
يا لخم يا بني العرب
يا لخم حرمة النسب (ضجيج)
رويد ما هذا الجلب
بنو لخم :
نريد رأس عنتره
عبلة :
قد رمتمو ما لم يرم
ما أنتمو ولا العجم
ببالغي ليث الأجم
بنو لخم :
نريد رأس عنتره
أحدهم :
يا عبل أحيي رستما - إن شئت - نحقن الدما
أو ناولينا المجرما
الجميع :
نريد رأس عنتره (يسمع صوت عنترة مقبلا من بعيد فيلتفت إلى ناحيته الجميع.)
الصوت :
أراك يا عبل تغضبينا
يا عبل من ذا تخاطبينا؟
من ذا يرفع الجبينا
مخاطبا ملكة العذارى ؟
عبلة :
عنترة البأس خل سيفك
وعد لخما في الحي ضيفك
ولا يرى الأقربون حيفك
ولا يقولوا العبسي جارا
ما أنت من ظلم القريب وهذه
لخم قرابتنا الأداني فاعدل
بالأمس تبني ركن قومك باذخا
واليوم تفعل فيه فعل المعول
بالبيت بالعزى بعبلة بالهوى
بالحق إلا سرت سيرة مجمل (يظهر عنترة)
المشهد الثاني
عنترة :
ما لك عبل ثائره
ما يبتغي المناذره
صنائع الأكاسره
بنو لخم :
نريد رأس عنتره
عنترة :
رأسي أنا
واحد من بني لخم :
لم لا أجل
عنترة :
هل لكمو به قبل
الكل :
أجل أجل، أجل أجل
عنترة :
يا بعد رأس عنترة!
يا لخم هاتوا جمعكم هاتو القنا
وامضوا لكسرى وارجعوا في جحفل
جيئوا بفرسان العراق وفارس
من راكب فيلا ومن مترجل
وتقلدوا أمضى المناصل واطلبوا
رأسي بما قلدتمو من منصل
هلموا يا بني لخم
وخذوا رأسي من جسمي
بما شئتم فبالسيف
وبالرمح وبالسهم (ينازلهم ويقتل منهم مقتلة عظيمة فيفرون صائحين)
أحدهم :
خلني أنج بنفسي
آخر :
أنج من جبار عبس
ذاك جني ولا يبر
ز للجني إنسي
عبلة :
رحماك عنتر
عنترة :
أنت عبلة ذي؟
عبلة :
أجل
عنترة :
ما تأمرين سلي الخوارق أفعل
عبلة :
رحماك عنتر لا تشم سيفا ولا
تطعن برمح واتئد وتمهل (يلقي عنترة سلاحه ثم يقبل عليها)
عنترة :
لم أنس ذكرك والجراح تسيل من
درعي وتصبغ أشقري بالعندم (ولقد ذكرتك والرماح نواهل
مني وبيض الهند تقطر من دمي)
فمضيت أعتنق الرماح لأنها
خطرت كأسمر قدك المتقوم (ووددت تقبيل السيوف لأنها
لمعت كبارق ثغرك المتبسم)
الفصل الرابع
(في حي بني عامر وفي مضارب بني الأشتر وفي خيام صخر سرادق فخم وسامر حافل فيه جماعة من سراة بني عبس وأخرى من وجوه عامر، خدم يروحون ويجيئون بقصاع الطعام وأواني الشراب. جماعة يزمرون، وآخرون يضربون على الدفوف والمزاهر ...)
المشهد الأول
أحدهم :
عبلة في الوشي
زفت إلى عامر
يا زامر الحي
هات اشد يا زامر
هيا ارتجل هيا
وأطرب السامر
شيخ من عامر :
الطعام الطعام يا عبس قوموا
الطعام الطعام ضيفان عامر
آخر :
الشراب الشراب تلك بواطيه
وهذه أقداحه يا حساة
دونكم تمر عامر ما اكتست
أطيب منه ولا ألذ النواة
دونكم من زبيب جلق والطا
ئف ما لم يسق الملوك السقاة
آخر :
هذا شراب الرعاة دعني
منه وهات اسقني الكروما
آخر :
هيا جواري الحمى
هيا صبايا عامر
قمن إلى الدفوف واض
ربن على المزاهر
زدن جمال العرس أو
زدن جمال السامر
قد كمل الأنس
قد جرت الكأس
قوموا اطربوا عبس
قد كمل السامر
ورنم الزامر
قوموا اطربوا عامر
غناء :
يا عبل حيينا
إنا محيوك
هاك الرياحينا
ينفحن عن فيك
يا عبل يا حره
يا ملكة الغيد
أصبحت كالدره
في مفرق البيد
ضيف :
لا تسقني التمر ولا
نبت الشعير والذره
وعاطني ما يشرب الر
وم وراء أنقره
إذا شربت أربعا
منها انقلبت عنترة! (يسمع صوت عنترة من بعيد يخاطب رجالا من وراء الستار)
صوت عنترة :
من الرجال؟
صوت أحد الرجال :
ومن أن
ت؟
صوت عنترة :
فاتك ومغير
من آثر العيش
فلينج بالنفس
لا جرد الله
سيفي على عبس
واحد من بني عامر :
عنترة؟
آخر :
ماذا؟
الأول :
عنترة جاء
آخر :
بل ذاك سكران
يقول ما شاء
آخر :
ماذا ترد الجواء!
آخر (ثملا) :
ما ذاك إلا ثغاء
شويهة جاوبتها
من المراعي الشاء
صوت عنترة :
وقفتم يا رجال؟
صوت أحد الرجال :
أجل وقفنا
صوت عنترة :
نزال إذن نزال إذن نزال
صوت أحد الرجال :
تأهب يا فتى
صوت عنترة :
أبناء عمي؟
إلهي كيف أصنع بالرجال؟
صوت أحد الرجال :
تأهب يا فتى للقاء عبس
صوت عنترة :
وأنتم فاستعدوا للقتال (تسمع قعقعة سلاح)
واحد من بني عامر :
أما تبينت الفتى
أما عرفت الزمجرة؟
واحد من بني عامر (ثملا) :
عامر
آخرون :
ماذا؟
الأول :
ظفرت
أيديكمو بالجوهره
فزدتم من البيد ومن
سمائها بالنيره
آخر :
وبعد؟ ...
آخر :
ماذا تبتغي؟
فيم تكد الحنجره
الأول :
أريد أن أعلم أين
اليوم أين عنترة؟
عبس على سلاحها
وعامر منتظره
وذاك سيفي في يدي
فليجئ العبد يره!
أحدهم :
أعوذ بالعزى
أعوذ باللات
آخر :
نعوذ بالبيت
من الفجاءات
صوت عنترة :
أنا الذي لقبني
أبي وأمي القسوره
ضجت ضراغم الفلا
من حملاتي المنكره
واحد من بني عامر (لآخر من عبس) :
أو لم تقل لي إن رأس
العبد كان صداق عبله!
الآخر :
قد قيل ذاك أجل
الأول :
فكيف
إذن نراه؟
ثالث (من عبس) :
أنت أبله!
من ذا الذي يقوى على
رأس الغضنفر عنتره؟
قد مات رستم دونه
وهوى أسيد القسوره
وجنى شيوخ الحي من
مهر الفتاة الثرثره
فرضوا صداق فتاتهم
نعما تساق وأبعره! (يدخل عنترة ومعه رجال آخرون من عبس وفتاة مقنعة فينهض السامرون ويشهرون سيوفهم ويفر من بني عامر غير قليل، ويبرز لعنترة واحد من بني عبس.)
المشهد الثاني
المتقدم :
أنا الذي تعلم عبس أني
أذود عنها وتذود عني
خذ يا ابن عمي الحذار مني
عنترة :
مرحبا بك مرحبا بك
عش تمتع بشبابك (يحمل عليه عنترة فيطير السيف من يده ولا يؤذيه.)
تعال سيفك طارا
لا تخش بالأسر عارا
إني لأرعى الأسارى (يأخذه رجال عنترة أسيرا)
عنترة :
خذوا الأسير ناحيه
ولا تجزوا الناصيه (يبرز له آخر من بني عبس)
المتقدم :
إني أنا الغضنفر العبسي
تعرفني الرماح والقسي
والوحش في الفلاة والإنسي
عنترة
حاملا عليه :
أنا المنايا الماثله
أنا القضايا النازله
غضنفر في قافله (يحطم سيفه)
سيفك يا هذا كسر
وصاحب السيف أسر (إلى رجاله)
خذوه (إلى منازله)
هيا امض سر (يأخذه رجال عنترة، فيبرز له شاب ثالث.)
المتقدم :
أنا أخو الأشبال
مثل أبي الرئبال
بالقرن لا أبالي
عنترة :
وأنت أيضا يا حدث
ما الحرب يا طفل عبث
قف لا تسر إلى الجدث (يحمل عليه عنترة فيطير السيف من يده)
الشاب :
أين مضى سيفي؟
قد كان في كفي
عنترة :
لا تغتمم ولا تسل
سيفك في سيفي دخل!
سر قف هناك يا بطل!
الآن أنت لعبتي
الحق بصاحبيكا
امض انضمم إليهما (وفي هذه الأثناء يكون قد رفع بيده من الأرض مبارزا آخر كان قد خرج إليه فيقذفه بجانب الشاب.)
وضم ذا إليكا (ثم يخاطب الجماعة)
سدى حربكم يا قوم ألقوا سلاحكم
ولا تركبوني في دمائكمو وزرا
رأيتم يدي؟
أحد بني عامر :
ما كان أعظم بطشها؟
عنترة :
وسيفي؟
آخر :
كسيف الموت يفري ولا يفرى (يقترب عنترة من الفتاة المقنعة التي دخلت معه.)
انهضي الآن يا عروس تعالي
لا تخافي مني ولا من رجالي
بطل كلهم فلا خوف منهم
كيف تشقى النساء بالأبطال (يرفع عن وجهها القناع فإذا هي عبلة)
صخر (في ذهول) :
من هذه؟
عبلة :
عبلة
صخر :
من!
بمن تزوجت إذن؟
من التي تركت في الخباء؟
ومن ترى تكون في النساء؟
رجل لآخر :
لكن أجبني ألسنا
في دار صخر وعرسه؟
الآخر :
نعم وأحسب صخرا
جرت أمور بنحسه
عنترة :
قياما عامر انتظروا قضائي
فإني الموت ما منه فرار
وأنتم عبس للأوطان عودوا
فما في عامر لكم قرار
نسيت لكم وأنسى ما جنيتم
تحب وإن تنكرت الديار
الجماعة (كل جملة يقولها رجل) :
العفو عنترة
الصفح يا بطل
مرنا بما تشا
أمرك ممتثل
عنترة :
رأيتمو يا قوم عبلة معي
وكنتمو حسبتموها في الخبا
نيط بعبس وشباب عامر
أن ينقلوها من حمى إلى حمى
ساقوا بعيرها وكانوا حولها
عشرين فتيانا أشداء القوى
أدركتهم على الطريق فنجا
من المنون بالفرار من نجا
ومات دون الرحل نحو عشرة
قد غودروا مجندلين في الفلا
وهؤلاء هم بنو العم أبوا
إلا المسير معنا إلى هنا
كانت معي ناجية فركبت
بعير عبلة وحثت الخطا
في وشي عبلة وفي خمارها
وانطلقت تحدى بأتباعي أنا
رجل :
حديث عبلة عجب
ليؤثرن في العرب
لتروينه الحقب
صخر :
واشقوتي وابلائي
فقدت إبلي وشائي!
عبلة :
يا صخر إن في الخباء جاريه
تهواك في السر وفي العلانيه
صخر :
جارية تحبني! من؟
عبلة :
ناجيه
صخر :
ناجية؟ ومن أرادها ليه؟
عبلة :
أنا التي جعلتها مكانيه
عنترة :
ناجية يا فتى
جارية كالرشا
وأنت بان بها
إن شئت أو لم تشا
صخر :
قبلت بالحكم
إن قبلت عامر
مرهم بما شئت
أنت هنا الآمر
عنترة :
من يخالف إرادتي
منكمو يمض ناحيه (لا يتحرك أحد)
قد قبلتم مشيئتي
ورضيتم قضائيه
اشهدوا عرس عبلة
واشهدوا عرس ناجيه
عبلة :
إني أخاف
عنترة :
عجبا
يخاف جار الأسد
عبلة :
غدا يقال صدتني
وكنت لي بمرصد
غدا يقال قد تآ
مرنا على التمرد
يقال خان عمه
عنترة :
وأنت
عبلة :
خنت والدي
عنترة :
ليقل السامر ما
قد شاء وليهذ الندي
ولتقم البيد لما
نأتي به وتقعد
ماذا يهم بعدما
قد صار كنزي في يدي
وبعد أن نلت منا
ك وبلغت مقصدي
عبلة :
والناس من كل فضو
لي وكل معتد؟
عنترة :
الناس؟ خلي لقنا
تي الناس أو مهندي
أنت إذا أطعمتهم
مخ الرشا لم تحمدي
غدا يخصونك بال
تمليق والتودد
البيد معبد وأن
ت دمية في المعبد
واحد من عبس :
عنتر اسلم لعبس نحن فداؤك
لقي الذل والردى أعداؤك
لقد أبى عمك أن
يهدي إليك الجوهرة
عمك نحن قومه
نحن لنا أن نأمره
عنتر هاك عبلة
عبلة هاك عنتره
عنترة :
الآن صخر امض
إلى الخباء جئ بناجيه
عامر عبس أقبلوا
زفوا العروس الغاليه
ما هي بالخادم في
عبس ولا بالراعيه
لكن فتاة حرة
من البيوت العاليه
تزوجت بوافر الم
ال كثير الماشيه
صخر :
عنتر
عنترة :
صخر هات قل
صخر :
وإبلي وشائيه؟
عنترة :
ترد في غد إليك
وهي مهر ناجيه
يا عبل سامحني في قربكم زمني
وشاء ريب الليالي أن نعيش معا
يا بيد هيا اشهدي أعراس عنترة
ويا سباع تعالي هنئي السبعا
عبلة :
التام في عامر شملي بعنترة
وكان ظني في شملي به انصدعا
قد اجتمعنا على عرس وفي فرح
كم من شتيتين بعد الفرقة اجتمعا
إني وضعت بناني في يدي أسد
لو مر مخلبه فوق الصفا خشعا
سام القبائل إجلالي وملكني
عقائل البيد حتى صرن لي تبعا
ناپیژندل شوی مخ