1
قال هذا وأخذ يأكل، وكانت الشمس تغرب، وسمع التائهان أصواتا خافتة، يلوح صدورها عن نساء، ولم يعرفا هل هذه أصوات فرح أو ترح، غير أنهما نهضا بسرعة مع جزع وهلع يوحي بهما كل شيء في بلد مجهول، وكانت هذه الصيحات تخرج من فتاتين عاريتين عاديتين عدوا خفيفا على طرف المرج، على حين يتعقبهما قردان فيعضان ألياتهما، وتأخذ الرحمة كنديد الذي تعلم إطلاق النار من البلغار، فيمكنه أن يسقط بندقة من غير أن تمس الأوراق، ويتناول بندقيته الإسبانية ذات الطلقتين، ويطلق فيقتل القردين، ويقول: «حمدا لله يا ككنبو العزيز! فقد أنقذت هاتين المسكينتين من خطر عظيم، وإذا كنت قد اقترفت ذنبا بقتلي قاضيا تفتيشيا ويسوعيا، فقد كفرت عما اجترحت بإنقاذي حياة الفتاتين اللتين قد تكونان من ذوات الحسب، ويمكن أن ننال بهذه المغامرة فوائد عظيمة في هذا البلد.»
أجل، كان يواصل قوله، غير أن لسانه انعقد حينما رأى الفتاتين تقبلان القردين تقبيل حنان باكيتين فوق جسميهما، مالئتين الجو عويلا محزنا، وأخيرا يقول لككنبو: «ما كنت لأنتظر رفقا بهذا المقدار.»
فيجيب ككنبو بقوله: «لقد قمت بأمر رائع يا مولاي، فقد قتلت عاشقي هاتين الآنستين.» - «عاشقان! أهذا ممكن؟! أنت تهزأ بي يا ككنبو، وكيف أصدقك؟»
ويجيب ككنبو بقوله: «سيدي العزيز، أنت تدهش بكل شيء، فلم تجد من الغرابة البالغة وجود قردة في بعض البلدان تنال ألطافا من النساء؟ إن القردة أرباع إنسان، كما أنني ربع إسباني.»
ويقول كنديد: «واها! أذكر أنني سمعت ما قيل للأستاذ بنغلوس من أن مثل هذه الحوادث كان يقع فيما مضى، فأسفرت هذه الاختلاطات عن آلهة الحقول والرعاة، وعن أناس لهم أرجل تيوس الغابات، فرأى ذلك أعيان القرون القديمة ، فكنت أعده من الأساطير.»
ويقول ككنبو: «عليك أن تقنع الآن بأن هذا الأمر حقيقة، وانظر كيف يتصرف في ذلك من لم يتلق قسطا من التربية، وكل ما أخشاه أن تصيبنا معرة من هؤلاء النسوة.»
حملت هذه التأملات المتينة كنديد على مغادرة المرج، وعلى الإيغال في غابة، حيث تناول عشاءه مع ككنبو، وقد نام الاثنان على الطحلب بعد لعنهما قاضي البرتغال التفتيشي وحاكم بوينوس أيرس والبارون، فلما أفاقا شعرا بأنهما لا يستطيعان الانتقال، وسبب ذلك كون الفتاتين وشتا بهما إلى أهل البلد - الأوريون
2 - فقيدهما هؤلاء ليلا بحبال من قشر الشجر، وقد كان يحيط بهما نحو خمسين من الأوريون كاملي العري، مسلحين بنبال ودبابيس وفئوس من صوان، وكان بعضهم يغلي قدرا كبيرة، وكان آخرون يعدون سفافيد،
3
ناپیژندل شوی مخ