په قصد … اورېدل وکړ‎

یوسف ادریس d. 1412 AH
59

په قصد … اورېدل وکړ‎

عن عمد … اسمع تسمع‎

ژانرونه

الأهداف السياسية العظيمة التي حققتها ثورة يوليو، والثورة الاجتماعية التي قامت لأجلها وتحقق جزء كبير منها، هذه كلها حقائق تخطف الأبصار.

ولقد كان من الواجب والمحتم لكي تكتمل الثورة أن يتحقق لها الركن الثالث المهم؛ أن تتحقق أيضا الثورة الثقافية.

كان واجبنا بعد أن عادينا الحضارة الغربية كل هذا العداء وقاطعناها وانغلقنا على أنفسنا، أن ننغلق لكي نحقق ثورة ثقافية حقيقية بحيث ننقل الأفكار السائدة في مجتمعنا من حيث كانت: أقلية مثقفة تتطلع بلهفة شديدة إلى تقليد أوروبا، وأغلبية تحيا لا تزال على أفكار العصور الوسطى، إلى حيث تقف ثورتنا سياسيا واجتماعيا، إلى حيث القرن العشرون.

إن الثورة لا تقبل التجزئة أبدا، ولا يمكن أن يكون الثوري ثوريا في فكره ومحافظا في تصرفه ورجعيا في بيته؛ إذ معنى هذا أنه إما أنه لا يؤمن بالثورة أصلا وإما أنه ثائر محدود الأفق. إن الثورة كالفن كائن هش رقيق، ما أسهل - إن تركته هكذا معرضا لعوامل الموات والتعرية - أن يموت! وما لم تتلبس الثورة جسدا من التنظيم وقوة ثقافية غير محدودة، فإنها لا يمكن أن تستحيل من جذوة صغيرة إلى نار مقدسة تعيد خلق الشعب وصياغته فكريا وحضاريا.

بمعنى آخر: إن الشعوب في سيرها المستمر الحتمي تميل بطبعها إلى المحافظة على الموروث والمكتسب، وما اعتادت عليه وألفته. والثورة ليست إلا تغييرا جذريا مفاجئا وشاملا في هذا السير الدءوب البطيء، فإذا تركت الثورة بلا رعاية ثورية فمعنى هذا أن تبتلعها بعد حين الأفكار السائدة بل والرجعية، وأن تنتقل بالمجتمع اقتصاديا وسياسيا خطوات إلى الأمام بينما أفكار الشعب ومبادئه ومعتقداته لم تتغير.

هكذا وجدنا أناسا يلبسون صوفا وحريرا مستوردا، وكرافتات سولكا، وعربات على آخر موديل ، يرددون: «لا أفكار مستوردة.» بمعنى آخر هم يأخذون من أوروبا كل ما يمتعهم شخصيا من وسائل العيش، أما الأفكار الجديدة فإنهم يخافون منها.

وجدنا أناسا يجعلون من الإسلام وسيلتنا كعرب إلى الثورة والتحضر؛ الإسلام ذلك الدين الذي جاء ثورة تقدم مفجرا لطاقات العرب والمسلمين الخلاقة، طليعيا يقود تيار الحضارة والتحضر. إن القرآن الكريم في كثير من سوره وآياته أوامر عسكرية وثورية يومية تهدي المسلمين في حربهم ضد العدو، وجدناهم لا يسمحون إلا برواج كل ما يمكن تفسيره تفسيرا رجعيا ومحافظا وتقليديا.

كان مجتمعنا قد انتقل خطوات كبيرة جدا في مجالات التصنيع والتعليم والخدمات بحيث استطاع أبناء الفلاحين والعمال أن يدخلوا المدارس والجامعات، وينشأ جيل منهم يريد أن يحيا وأن يثور وأن يوجد وأن يتعلم أكثر وأحسن.

هذا الجيل ماذا كانت رسالتنا إليه؟ ماذا تكتب له الصحف؟ ماذا يسمع في الراديو ويرى في التليفزيون والسينما؟

إني لا أستغرب بعد هذا كله أن نجد بعض الصحف والناس أحيانا تناقش مشكلة: هل هناك أرواح وعفاريت وظواهر خارقة تتدخل في حياة الناس؟

ناپیژندل شوی مخ