233

و هدأت المعركة ليستريح المحاربون ، غير أن أمير المؤمنين عليا أبى أن يستريح ، فأخذ يجول متفقدا من استشهد حوله ، حتى وقف على أبي اليقظان عمار بن ياسر ، فبكى بكاء شديدا ثم قال مسمعا من حوله :

« إن أمرؤ من المسلمين لم يعظم عليه قتل ابن ياسر وتدخل به عليه المصيبة الموجعة لغير رشيد! رحم الله عمارا يوم أسلم ، ورحم الله عمارا يوم قتل ، ورحم الله عمارا يوم يبعث حيا ». ثم قال :

لقد رأيت عمارا وما يذكر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أربعة إلا كان رابعا ، ولا خمسة إلا كان خامسا ، وما كان أحد من قدماء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يشك أن عمارا قد وجبت له الجنة في غير موطن ولا إثنين ، فهنيئا لعمار بالجنة ، ولقد قيل : إن عمارا مع الحق ، والحق معه ، يدور عمار مع الحق أينما دار ، وقاتل عمار في النار (1).

وكان عمار أوصى بقوله : « لا تغسلوا عني دما ولا تحثو علي ترابا .. ادفنوني في ثيابي فإني مخاصم! » فصلى عليه أمير المؤمنين ولم يغسله.

وكان خزيمة بن ثابت الملقب بذو الشهادتين قد حضر صفين ولم يقاتل ، فلما قتل عمار بن ياسر قال : قد بانت لي الضلالة. ثم دخل فسطاطه وطرح عليه سلاحه وشن عليه من الماء فاغتسل ثم قاتل حتى قتل. رحمه الله.

قال الحجاج بن عزية الأنصاري يرثي أبا اليقظان عمار بن ياسر :

يا للرجال لعين دمعها جاري

قد هاج حزني أبو اليقظان عمار

مخ ۲۳۵