221

عمار بن ياسر؟

قال : ما أنا مخبرك حتى تخبرني ، لم تسأل عنه ومعنا من أصحاب محمد (ص) عدة غيره ، وكلهم جاد على قتالكم.

فقال عمرو : سمعت رسول الله (ص) يقول : إن عمارا تقتله الفئة الباغية ، وأنه ليس لعمار أن يفارق الحق ، ولن تأكل النار من عمار شيئا.

فقال له أبو نوح : لا إله إلا الله والله أكبر ، والله إنه لفينا ، جاد على قتالكم! ولقد حدثني يوم الجمل أنا سنظهر على أهل البصرة ، ولقد قال لي أمس أنكم لو ضربتمونا حتى تبلغوا بنا سعفات هجر ، لعلمنا أنا على الحق وأنكم على الباطل ، ولكانت قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار.

قال عمرو : فهل تستطيع أن تجمع بيني وبينه؟ قال : نعم.

فركب عمرو بن العاص في اثني عشر فارسا ، وركب عمار بن ياسر في اثني عشر فارسا ، فالتقوا حتى اختلفت أعناق الخيل ، خيل عمار وخيل عمرو ، ونزل القوم واحتبوا بحمائل سيوفهم ، وأراد عمرو بن العاص أن يتكلم وبدأ بالشهادتين ، فقاطعه عمار وقال له :

اسكت ، فلقد تركتها وأنا أحق بها منك ، فإن شئت كان خصومة فيدفع حقنا باطلك ، وإن شئت كانت خطبة فنحن أعلم بفصل الخطاب منك ، وإن شئت أخبرتك بكلمة تفصل بيننا وبينك ، وتكفرك قبل القيام ، وتشهد بها على نفسك ولا تستطيع أن تكذبني فيها.

فقال عمرو : يا أبا اليقظان ، ليس لهذا جئت ، إنما جئت لأني رأيتك أطوع أهل هذا العسكر فيهم ، أذكرك الله إلا كففت سلاحهم وحقنت دماءهم ، وحرصت على ذلك ، فعلام تقاتلوننا؟ أو لسنا نعبد إلها واحدا ونصلي إلى قبلتكم وندعو دعوتكم ، ونقرأ كتابكم ، ونؤمن بنبيكم؟!

فقال عمار : الحمد لله الذي أخرجها من فيك ، إنها لي ولأصحابي ، القبلة والدين وعبادة الرحمان ، والنبي والكتاب من دونك ودون أصحابك.

مخ ۲۲۲