209

هو يمغثه (1) ويلين من عريكته ، هتف به هاتف من أهل الشام يعرف بعرار بن أدهم : يا عباس ، هلم إلى البراز. قال العباس : فالنزول إذن ، فإنه أيأس من القفول ، فنزل الشامي وهو يقول :

إن تركبوا فركوب الخيل عادتنا

أو تنزلون فإنا معشر نزل

وثنى العباس رجله وهو يقول :

ويصد عنك مخيلة الرجل

العريض موضحة عن العظم

ثم عصب فضلات درعه في حجزته (2)، ودفع فرسه إلى غلام له أسود يقال له أسلم ، كأني والله أنظر إلى فلافل شعره ، ثم دلف كل واحد منهما إلى صاحبه ، فذكرت قول أبي ذؤيب :

فتنازلا وتواقفت خيلاهما

وكلاهما بطل اللقاء مخدع

وكفت الناس أعنة خيولهم ينظرون ما يكون من الرجلين ، فتكافحا ، بسيفيهما مليا من نهارهما لا يصل واحد منهما إلى صاحبه لكمال لأمته إلى أن لحظ العباس وهنا في درع الشامي فأهوى إليه بيده فهتكه إلى ثندوته ، ثم عاد لمجاولته وقد أصحر له ففتق الدرع ، فضربه العباس ضربة انتظم بها جوانح صدره ، فخر الشامي لوجهه وكبر الناس تكبيرة ارتجت لها الأرض من تحتهم ، وسما العباس في الناس ، فإذا قائل يقول من ورائي : ( قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزيهم .. ) الآية. فالتفت فإذا أمير المؤمنين (ع) فقال لي : يا أبا الأعز ؛ من المنازل لعدونا؟ قلت : هذا ابن أخيكم ، هذا العباس بن ربيعة. فقال ، وإنه لهو. يا عباس ، ألم أنهك وابن عباس أن تخلا بمراكزكما وأن تباشرا حرابا؟! قال : إن ذلك كان. قال : فما عدا مما بدا؟ قال : يا أمير المؤمنين ، أفأدعى إلى البراز فلا أجيب؟ قال : نعم ، طاعة امامك أولى من إجابة عدوك ، ثم تغيظ واستطار حتى قلت الساعة

مخ ۲۱۰