172

زمن سعد بن أبي وقاص.

فبلغ ما قالاه إلى معاوية ، فبعث إلى جرير فزجره.

قال نصر في كتابه : وكتب إلى شرحبيل كتاب لا يعرف كاتبه ، فيه :

شرحبيل يابن السمط لاتتبع الهوى

فما لك في الدنيا من الدين منبدل

فلما قرأ شرحبيل الكتاب ، ذعر وفكر وقال : هذه نصيحة لي في ديني ، ولا والله لا أعجل في هذا الأمر بشيء وفي نفسي منه حاجة ، وكاد يحول عن نصر معاوية ويتوقف ، فلفق له معاوية الرجال يدخلون إليه ويخرجون ويعظمون عنده قتل عثمان ويرمون به عليا ، ويقيمون الشهادة الباطلة والكتب المختلفة حتى أعادوا رأيه وشحذوا عزمه (1).

وسار شرحبيل فبدأ بأهل حمص ، فقام فيهم خطيبا ، وكان أهل الشام يرونه مأمونا ناسكا متألها ، فقال :

أيها الناس ، إن عليا قتل عثمان. فغضب له قوم من أصحاب رسول الله (ص) فلقيهم فهزم الجمع وقتل صلحائهم وغلب على الأرض ، فلم يبق إلا الشام وهو واضع سيفه على عاتقه ، ثم خائض غمرات الموت حتى يأتيكم ، أو يحدث الله أمرا ، ولا نجد أحدا أقوى على قتاله من معاوية ، فجدوا وانهضوا.

فأجابه الناس كلهم! إلا نساكا من أهل حمص ، فانهم قالوا له : بيوتنا قبورنا ومساجدنا ، وأنت أعلم بما ترى.

مخ ۱۷۳