119

ولا ينكل عن الأعداء ساعات الروع ، أشد على الفجار من حريق النار ، وهو مالك بن الحارث أخو مذحج ، فاسمعوا له وأطيعوا أمره فيما طابق الحق ، فإنه سيف من سيوف الله ، لا كليل الضبة ، ولا نابي الضربة فإن أمركم أن تنفروا فأنفروا ، وإن أمركم أن تقيموا فإقيموا ، فإنه لا يقدم ولا يحجم ، ولا يؤخر ولا يقدم إلا عن أمري ، وقد آثرتكم به على نفسي لنصيحته لكم ، وشدة شكيمته على عدوكم ... » الخ.

وكتب (ع) إلى أميرين من أمراء جيشه :

« وقد أمرت عليكما وعلى من في حيزكما مالك بن الحارث الأشتر ، فاسمعا له وأطيعا ، وأجعلاه درعا ومجنا ، فإنه ممن لا يخاف وهنه ولا سقطته ، ولا بطؤه عما الإسراع إليه ولا إسراعه إلى ما البطئ عنه أمثل .. » (1).

قال ابن أبي الحديد : فأما ثناء أمير المؤمنين (ع) عليه في هذا الفصل ، فقد بلغ مع اختصاره ما لا يبلغ بالكلام الطويل ، ولعمري لقد كان الأشتر أهلا لذلك ، كان شديد البأس ، جوادا رئيسا حليما فصيحا شاعرا ، وكان يجمع بين اللين والعنف ، فيسطو في موضع السطوة ، ويرفق في موضع الرفق.

وقد ذكرنا بعض مواقفه في حرب الجمل وصفين فيما سيأتي من هذا الكتاب.

ومات الأشتر في سنة تسع وثلاثين متوجها إلى مصر واليا عليها لعلي (ع)، قيل : سقي سما. وقيل : إنه لم يصح ذلك ، وإنما مات حتف أنفه (2).

وفي الكامل لابن الأثير : دس معاوية بن أبي سفيان للأشتر مولى عمر ، فسقاه شربة سويق فيها سم فمات. فلما بلغ معاوية موته ، قام خطيبا في

مخ ۱۲۰