62

عميل سري

العميل السري: حكاية بسيطة

ژانرونه

حملقت ويني أمامها. «لا تزعجي نفسك هكذا يا أمي. بالطبع لا بد أن تريه.» «كلا يا بنيتي. سأحاول ألا أفعل.»

مسحت عينيها المغرورقتين بالدموع. «ولكن ليس بوسعك أن تجدي فسحة من الوقت كي تأتي معه، وإذا نسي نفسه وضل طريقه وتحدث إليه أحد بنبرة حادة، فربما ينسى اسمه وعنوانه، وسيظل تائها لأيام وأيام ...»

اعتصر قلبها ألما تصور وجود ستيفي البائس في إصلاحية الأحداث، حتى لو دخلها وقت التحقيقات فقط. لأنها كانت امرأة معتدة بنفسها. زادت حدة حملقة ويني وقلقها وتفكيرها.

صاحت: «لا أستطيع الإتيان به إليك كل أسبوع بنفسي.» «ولكن لا تقلقي يا أمي. سأحرص على ألا يضل الطريق لفترة طويلة.»

شعرتا بارتطام غريب؛ طال مشهد أعمدة الطوب أمام نوافذ العربة المهتزة؛ أذهل المرأتين توقف مفاجئ للاهتزازات العنيفة والجلجلة الصاخبة. ما الذي حدث؟ جلستا بلا حراك ومذعورتين إلى أن فتح الباب، وسمعتا همسا من صوت خشن ومرهق: «ها قد وصلنا!»

مجموعة من منازل صغيرة ذات أسقف جملونية، وبكل واحد منها نافذة واحدة صفراء وقاتمة، في الطابق الأرضي، وتحيط بمساحة مظلمة مفتوحة عشبية مزروعة بالشجيرات، ومفصولة بحاجز عن مزيج الأضواء والظلال في الطريق الواسع، الذي تدوي فيه جلبة حركة المرور المملة. كانت العربة قد توقفت أمام باب أحد هذه المنازل الصغيرة، منزل من دون ضوء في النافذة الصغيرة بالطابق السفلي. خرجت والدة السيدة فيرلوك أولا، بظهرها، وفي يدها مفتاح. ظلت ويني واقفة على الدرب الحجري كي تدفع الأجرة لسائق العربة. بعدما ساعد ستيفي في حمل الكثير من الحزم الصغيرة إلى الداخل، خرج ووقف تحت ضوء مصباح غاز يخص المؤسسة الخيرية. نظر سائق العربة إلى القطع الفضية، التي بدت صغيرة جدا في راحة يده الضخمة والمتسخة، والتي كانت ترمز إلى الحصيلة التافهة التي يجازى بها إنسان، أيامه قصيرة على هذه الأرض المليئة بالشر، على شجاعته وطموحه وكدحه.

كان قد حصل على أجر معقول - أربع قطع من فئة شلن واحد - وتأملها في سكون تام، كما لو كانت تمثل تعبيرا باعثا على الدهشة عن مشكلة عويصة. تطلب الانتقال البطيء لتلك الثروة إلى الجيب الداخلي جهدا كبيرا لتلمس أعماق الملابس البالية. كانت هيئته بدينة ولا تتحلى بالمرونة. وقف ستيفي النحيف عابسا على قارعة الطريق وكتفه مرفوعة إلى الأعلى قليلا ويداه متوغلتان بعمق داخل الجيوب الجانبية لمعطفه الدافئ.

بعد أن توقف سائق العربة مؤقتا عن حركاته المتعمدة، لمعت في ذهنه ذكرى ضبابية.

قال هامسا: «أوه! ها هو أنت أيها الشاب. سوف تعرفه مرة أخرى، أليس كذلك؟»

كان ستيفي يحدق في الحصان، الذي بدا الجزء الخلفي منه مرتفعا على نحو غير متسق بسبب الهزال. بدا الذيل القصير المتصلب وكأنه مخلوق كي تصاغ عليه نكتة قاسية؛ وفي الطرف الآخر، تتدلى الرقبة الرفيعة المسطحة، مثل لوح خشب مغطى بجلد حصان عجوز، إلى الأرض تحت ثقل رأس عظمي ضخم. كانت الأذنان متدليتين بزوايتين مختلفتين بإهمال؛ وتصاعد البخار من ضلوع ذلك المخلوق الأبكم البائس الذي يعيش على سطح الأرض ومن عموده الفقري في سكون الهواء الرطب.

ناپیژندل شوی مخ