قال كبير المفتشين بمرارة: «لا يوجد شيء رسمي بشأنها.» «ذهبت إلى متجره ذات مساء، وعرفته بنفسي، وذكرته بأول لقاء بيننا. لم يفعل شيئا أكثر من رفع حاجبه. قال إنه متزوج وحياته مستقرة الآن، وأن كل ما يريده ألا يعترض أحد مشروعه التجاري الصغير. تعهدت له بأنه ما دام لم يتورط في أي عمل شائن بوضوح، فإن الشرطة ستدعه وشأنه. قدر ذلك الصنيع، لأن كلمة منا إلى رجال الجمارك كانت كفيلة بأن تجعل بعض الطرود التي تأتيه من باريس وبروكسل تفتح في دوفر، ثم تصادر بالتأكيد، وربما ينتهي به الأمر أيضا إلى رفع دعوى ضده.»
همهم المفوض المساعد: «تلك تجارة محفوفة بالمخاطر جدا. لماذا أقحم نفسه في ذلك؟»
رفع كبير المفتشين حاجبيه ازدراء بفتور. «على الأرجح له علاقات بأشخاص يتعاملون في هذه السلع، أصدقاء في أوروبا. إنهم بالضبط من النوع الذي يمكن أن ينسجم معه. إنه نذل كسول أيضا؛ مثل بقيتهم.» «ما الذي تحصل عليه منه مقابل الحماية التي وفرتها له؟»
لم يكن كبير المفتشين يميل إلى الإسهاب في توضيح قيمة خدمات السيد فيرلوك. «لن يكون له كثير نفع لأحد سواي. يجب أن يكون المرء على دراية بكثير من الأمور مسبقا ليستفيد من رجل كهذا. أستطيع أن أفهم نوع التلميح الذي يمكن أن يقدمه. وعندما أريد منه تلميحا، يمكنه عموما أن يزودني به.»
غرق كبير المفتشين فجأة في حالة تأمل حذر؛ وكتم المفوض المساعد ابتسامة رسمتها فكرة عابرة بأن الفضل في ذيوع صيت كبير المفتشين هيت ربما كان راجعا بقدر كبير إلى العميل السري فيرلوك. «ولتكون الفائدة منه أعم، لدى جميع رجالنا في إدارة الجرائم الخاصة في تشيرينج كروس وفيكتوريا تعليمات بأن يولوا عناية حذرة بأي شخص قد يرونه معه. إنه يلتقي وافدين جددا باستمرار، وبعد ذلك يقتفي أثرهم. يبدو أنه تلقى توبيخا بسبب ذلك النوع من العمل. عندما أريد عنوانا على عجل، يمكنني دوما أن أحصل عليه منه. بالطبع، أعرف كيف أدير علاقاتنا. لم أره كي أتحدث معه ثلاث مرات في آخر عامين. تركت له رسالة قصيرة، غير موقعة، وأجاب على رسالتي بالطريقة نفسها على عنواني الخاص.»
من حين لآخر، كان المفوض المساعد يومئ برأسه إيماءة لا تكاد تلاحظ. أضاف كبير المفتشين أنه لا يظن أن السيد فيرلوك محل ثقة كبيرة لدى الأعضاء البارزين في المجلس الثوري الدولي، ولكن لا شك في أنه كان محل ثقة بوجه عام. اختتم حديثه قائلا: «كلما كان لدي سبب للاعتقاد في وجود شيء يفوح في الأجواء، فدائما ما أجد أنه يمكنه أن يخبرني بشيء يستحق المعرفة.»
أبدى المفوض المساعد ملاحظة مهمة. «لقد خذلك هذه المرة.»
رد كبير المفتشين هيت: «وكذلك لم أشتم رائحة أي شيء في الأجواء بأي طريقة أخرى. لم أسأله عن شيء؛ ومن ثم لم يكن بوسعه أن يخبرني بأي شيء. إنه ليس أحد رجالنا. ليس الأمر وكأنه يتقاضى راتبا منا.»
همهم المفوض المساعد: «كلا. إنه جاسوس ويتقاضى أجرا من حكومة أجنبية. لا يمكن أن نثق به أبدا.»
قال كبير المفتشين: «يجب أن أنجز عملي بطريقتي الخاصة. وعندما يتعلق الأمر بذلك، فسأتعامل مع الشيطان نفسه، وأتحمل العواقب. ثمة أشياء ليس من المناسب أن يعرفها الجميع.» «يبدو أن فكرتك عن السرية تتلخص في إخفاء المعلومات عن رئيس إدارتك. ربما تكون تلك مغالاة فيها أكثر مما ينبغي، أليس كذلك؟ هل يقطن فوق متجره؟» «من، فيرلوك؟ أوه نعم. إنه يقطن فوق متجره. أظن أن والدة زوجته تقطن معهما.» «هل المنزل تحت المراقبة؟» «أوه، يا إلهي، كلا. ما كنت لأفعل ذلك. بل نراقب أشخاصا بعينهم يترددون على المكان. ورأيي أنه لا يعلم شيئا عن تلك المسألة.» «وما تفسيرك لهذه؟» أشار المفوض المساعد برأسه إلى خرقة القماش المرمية أمامه على المكتب. «ليس لدي تفسير لها على الإطلاق، يا سيدي. ببساطة لا يمكن تفسيرها. لا يمكن تفسيرها بناء على ما أعرفه.» أبدى كبير المفتشين تلك الاعترافات بصراحة رجل بنيت سمعته على أرض صلبة. «على أي حال، لا يمكن تفسيرها في الوقت الحاضر. أظن أنه سيثبت لاحقا أن الرجل الذي كان له أكبر صلة بها هو ميكايليس.» «أتظن ذلك؟» «نعم يا سيدي؛ لأنه يمكنني أن أقدم أجوبة شافية عن الآخرين كلهم.» «ماذا عن الرجل الآخر الذي من المفترض أنه هرب من الحديقة؟»
ناپیژندل شوی مخ