د بندونو او بندیزونو نړۍ
عالم السدود والقيود
ژانرونه
أما أصحاب الفقه الحديث فلا يحسبون من عمل المجتمع أن يتولى تطبيق العدل البديهي على هذا المنوال، وإنما يطلب المجتمع عقاب المجرم لإصلاحه أو للوقاية من شره، وكل ما عدا ذلك عبث لا يفيد ولا يليق.
فمنذ أصبح عقاب المجرم حقا للمجتمع ولم يعد حقا للمعتدى عليه أصبح العقاب لمحض الانتقام والتشفي رذيلة لا تليق ولا تؤدي إلى المصلحة الاجتماعية، وليس يليق أيضا أن تعاقب المجرم لردع غيره وإرهاب الناس من مثل مصيره، فإن هذا معناه كما يقول المنكرون لمذهب الردع والتمثيل أنك تعذب زيدا لإصلاح خالد، وهذا إن صح أن العبرة بمصير المجرمين تردع أحدا ممن تسوقهم ضرورة الطبع أو ضرورة الحوادث إلى الإجرام، وهو في اعتقاد هؤلاء المنكرين غير صحيح.
فإذا كان الغرض من العقاب هو إصلاح المجرم وحماية المجتمع، فهل السجن على أحسن نظمه ومقاصده مما يحقق هذه الغاية ويكفل للمجرم الصلاح وللمجتمع الحماية؟
الحق أن فكرة «السجن» عتيقة جدا ظهرت في تاريخ الإنسان قبل أن تظهر فكرة العقاب للإصلاح والوقاية الاجتماعية بآلاف السنين، فقد كان السجن في بداية الأمر مكانا لاعتقال الأسرى أو المحكوم عليهم بالموت، ثم أصبح مكانا للتخلص من بعض المغضوب عليهم أو الواقفين في طريق ذوي السلطان، ثم جاء العصر الحديث فحسبنا أن استبقاء السجون واتخاذها مكانا للعقاب وتنفيذ القانون على سنة من سلف أمر لا محيص عنه ولا ضير فيه، مع أن قليلا من التدبر يرينا أن «فكرة السجن» قابلة لكثير من المناقشة والمراجعة في العصر الحديث، وأن الأمم قد يأتي عليها يوم تستغني فيه عن السجون بتة وتعدل عنها إلى طريقة أصلح منها لتنفيذ القانون ، وربما كان هذا اليوم غير بعيد بالقياس إلى ما غبر من تاريخ السجون.
أما إذا اتخذنا السجن «مستشفى» لعلاج المرضى المطبوعين على الجريمة فمن الواجب إذن؛ كما يقول «كلارنس دارو» أن نجعل توقيت العلاج في السجون كتوقيت العلاج في المستشفيات.
فنحن لا نرسل المريض إلى المستشفى ليبقى فيه سنة وإن شفي في ثلاثة أشهر، أو ليخرج بعد أيام وإن كان شفاؤه يحتاج إلى أعوام، فلا بد إذن من وسيلة لعرفان الوقت الذي يحسن فيه الإفراج عن السجين بغير ارتباط سابق بموعد معروف لا يقبل التعجيل والإرجاء.
إن تجربتي للمجرمين «المطبوعين» الذين يصلون إلى السجون دلتني على أنهم قلما يكونون إلا واحدا من اثنين: فإما رجل معطل الحس بآلام الناس، وقد يكون معطل الحس بآلام نفسه وأقرب الناس إليه، وإما رجل مختل الإرادة لا يضبط نزواته في ساعة الهياج أو ساعة الإغراء، وكلا هذين لا تنفعه السجون الحاضرة على أحسن ما ارتقت إليه من تنظيم وتعليم، وإن حاجته إلى العلاج والعناية النفسية لأشد من حاجته إلى العقاب والإيذاء؛ لأن الإيذاء يوسع الهوة بينه وبين المجتمع الإنساني وهو محتاج إلى من يقرب المسافة بينه وبين أبناء جنسه، ويمحو من نفسه أنه عدو يحارب الأعداء ويحاربونه.
ومن اليوم إلى اليوم الذي تلغى فيه السجون، ونهتدي فيه إلى طريقة أصلح منها لحماية المجتمع وتنفيذ القانون، يخيل إلي أننا لا نملك وسيلة للإصلاح في هذا الصدد خيرا من استخدام الرقي العلمي، والتقدم الصناعي، في مطاردة الجريمة، وكشف أسرارها قبل وقوعها وبعد وقوعها إلى زمن طويل، وقد نصل إلى المستطاع من تحقيق هذا المقصد إذا رفعنا طبقة الشرطة وزودناهم كما نزود المحققين بالأساليب العلمية التي تعين على مطاردة أعداء المجتمع، وتعقبهم قبل الإجرام في دور النية والشروع، وبعد الإجرام في دور الهرب والتضليل.
والآن تكفي لمسة للرصاصة التي في داخل المسدس؛ لإثبات علامة يسهل رسمها وتحقيق شخص اللامس الذي استخدم الرصاصة بمضاهاة الرسم على أصابع المتهمين، ويقال: إن بعض العقاقير إذا عولج بها المتهم حجبت إرادته وأفضى بدخيلة سره، ومن هذه العقاقير الكلورال والسكوبولامين “Scopolamine and Chloral”
وهي التي يقال: إن مكتب التحقيق في روسيا استخدمها لإقناع المتهمين في قضايا «الخيانة العظمى» بالاعتراف وإفشاء أسرار المؤامرات المزعومة، وقرأت في مجلة الفورم
ناپیژندل شوی مخ