د بندونو او بندیزونو نړۍ
عالم السدود والقيود
ژانرونه
والشيخ أحمد لا يعلم أن دخول السجن إنما يكون بتحقيق وأمر بالقبض أو حكم من القضاء وإثبات في الأوراق والسجلات، بل كل ما يعلمه أن من جاوز عتبة البناء المرهوب فهو مسجون لا فكاك له حتى يشاء السجان!
فماذا ينتظر؟ أينتظر حتى يتغلب عليه هؤلاء الظلمة العتاة ويوقعوه في الفخ الذي ليس بينه وبينه إلا شبر واحد أو شبران اثنان؟
لا وحق الأولياء ومشايخ الطرق أجمعين! لقد حصلت بركتهم ونفخوا في عضلات مريدهم وربيبهم حتى حار السجانون من أين له كل هذه القوة التي دافعهم بها مجتمعين؟ فلم يستطيعوا أن يزحزحوه شبرا أو شبرين، وأفلتوه وقد غلبوا ضحكا، فانطلق كالسهم في ميدان القلعة لا يلوي على شيء ولا يصدق بالسلامة!
ولكن هل عدل عن الموعد وأقلع عن العناد؟
معاذ الله ومعاذ الذكاء! لم يعدل ولم يقلع ولم يزد على أن يدق الباب في الأيام التالية، ويضع الآنية على مقربة منه، ثم يرجع هو إلى حيث يضمن النجاة، ويأمن الظلمة العتاة! ولم يزل كذلك حتى بلغه عني مصداق ما يقول السجانون.
وعلى هذا جرى في إحضار الملابس لموعد الحمام، فهو لا يحضرها إلا أيام الحمام في البيت، ولا شأن له بما يقولون عن مواعيدهم ومواعيد البخار الذي لا يدار في أيام الجمع ولا يختلف عن الأوقات المرتبة له على حسب الحاجة إليه، وظل على عناده حتى أبلغته مواعيد الاستحمام كما أبلغته مواعيد الطعام.
ولا تسل عن المشقة في تعريف الشيخ أحمد بالملابس اللازمة حين يدعو الأمر إلى التدرج من الملابس الثقيلة إلى الملابس الخفيفة بين الفصول، فالتفرقة بين القميص الصوفي الأحمر والبرتقالي والرمادي عنده من المشكلات المعضلات، وهو مع ذلك لا يتورع عن طلاء ما يلقاه من تمثال أو صورة عندي بالألوان التي تروقه كلما تقشرت طبقة منها واحتاجت إلى طلاء، فتلك فنون لا يحجم عنها الشيخ أحمد ولا ينتظر إذني في عملها، ولا يحتفل بالتفكير فيها أقل احتفال، وإذا ضحك أصدقائي الفنانون صانعو تلك الصور أو تلك التماثيل من فنه في التلوين والتظليل فماذا يعنيه من ضحك الناس المغرمين بالضحك من كل شيء؟ لقد تعود منهم أن يضحكوا حين يصنع الشيء وحين يصنع نقيضه، فليضحكوا ما بدا لهم ما داموا لا يقطبون ولا يغضبون.
لكن بدائع الشيخ أحمد ليست كلها مضحكة ولا كلها سليمة، فربما كان منها ما يميت وما يغيظ، وقد جاد علينا بواحدة من هذه البدائع القاتلة في السجن ثم اكتفى بها ولم يشفعها بثانية ، ولله الحمد.
فأنا أتداوى من عوارض البرد بالماء الساخن أنغمس فيه بضع دقائق ثم أسرع إلى لبس البرنس في الصيف أو البرنسين معا في الشتاء بغير وناء، فإذا أبطأت ساءت العاقبة وجنيت جريرة هذا الإبطاء زكاما قد يلازمني الأسابيع، وقد يتجاوز الزكام إلى ما هو أشد وأقسى.
فلما كان يوم من أيام الحمام خرجت من الحوض الساخن والتمست البرنسين والملابس فإذا بالشيخ أحمد قد نسي أن يصلح بعض أكمامها وتركها مقلوبة تارة ومعدولة تارة أخرى، وهذه هفوة صغيرة ولكنها كافية! لأنني شعرت بالقشعريرة تسري في أوصال جسمي ورعدة البرد تملؤني، فأسرعت إلى الحوض الساخن مرة ثانية حتى عاودني الدفء وشملتني الحرارة، ولكن الوقت الذي قضيته في الحوض كان أطول مما يطاق، فلم ألبث أن خرجت منه حتى غشيني الإغماء، ولو أدركني في الماء قبيل ذلك بلمحة عين لكانت هي القاضية.
ناپیژندل شوی مخ