په سرحدي کي د سيرت په اړه

طه حسين d. 1392 AH
128

په سرحدي کي د سيرت په اړه

على هامش السيرة

ژانرونه

قال إبليس: «ما أرى إلا أنكم قد فقدتم صوابكم، وفارقتم أحلامكم، وجعلتم ترتاعون لغير روع. ما إشفاقكم من هذا الشرر وإنكم لترون فيه صور أنفسكم! انظروا! هؤلاء الرسل يقبلون من أقطار الأرض، ويهبطون من أجواز السماء، يحملون إلينا أخبار الأرض وأنباء السماء.»

وما هي إلا لحظة حتى عادت الظلمات إلى كثافها، وانعقدت كهيئتها قبل أن يقبل هذا الوابل من الشرر، كأنما كانت قطعا من أدم أسود صفيق شقت لهذا الشرر حتى نفذ منها، ثم انعقدت عليه تحوطه وتحميه. وما هي إلا أن يتمثل هذا الشرر أشخاصا خفافا لطافا لها أصوات خفاف لطاف كصوت إبليس ومن كان حوله من الشياطين. وإذا أحدها يتقدم واجفا خائفا، حتى إذا كان من إبليس غير بعيد انحنى يظهر الطاعة والإكبار، وقال في صوت هامس كأنه هفيف النسيم: «تكبرت! قد أفزعنا وروعنا ورمينا بالشهب، ورددنا عن مقاعدنا من السماء، فما لنا إلى استراق السمع من سبيل.»

قال إبليس: «تعست! لم تنبئنا بشيء لا نعرفه. فأين الرسل الذين أرسلتهم يستقصون الأنباء؟»

قال الشخص الماثل: «تكبرت، إنما أتكلم عنهم، أنطق بلسانهم. لقد انتشرنا في أجواز الجو من كل وجه، وارتفعنا نحتال في ذلك ما وسعتنا الحيلة، وخلى بيننا وبين الارتفاع حتى غرتنا الأماني، وخيل إلينا أنه قد رد الشر عنا. وما نكاد نبلغ مقاعدنا حتى تصب السماء علينا وابلا من شهب مهلكة. وما أدري كيف خلصنا إليك ؛ فقد احترق أكثرنا قبل أن يبلغ الأرض. وما أرى إلا أن السماء قد أبقت علينا لننفذ إليك فنبلغك ما ألم بنا من خطب، وما نصب لنا من حرب، وما هيئ لنا من نكاية وكيد.»

قال إبليس: «فأين الذين أرسلتهم إلى أقطار الأرض يحملون إلي أخبارها؟»

قال قائل خفيف لطيف في صوت هامس كأنه هفيف النسيم: «تكبرت! ها نحن هؤلاء نقبل عليك لا نحمل من الأنباء إلا ما يملأ قلوبنا هلعا وجزعا. لقد طرد إخواننا من أجواف الأصنام، وحيل بينهم وبين شهود الضحايا والقربان في هذا الوجه الذي تعرفه من وجوه الأرض. ما يكاد أحد منهم يستقر في جوف صنم من هذه الأصنام إلا أخذه العذاب من كل وجه، وضاق به هذا المكان الذي كان يتسع له، وأخذت عليه الطرق والمنافذ، كأنما يدفع به إلى الموت دفعا. فمنا من كان ينفذ من أفواه الأصنام. ومنا من كان ينفذ من آذانها، ومنا من كان ينفذ من أنوفها، نجد في ذلك أشد الجهد وأشق العناء.»

قال إبليس مغيظا محنقا: «ويلكم! إنما أدرككم الجبن، وأعياكم الجهد، وعجزتم عن الاحتمال. إنما تفرون من عذاب إلى عذاب، لن تلقوا عندي خيرا مما لقيتم هناك!»

قال الشخص الماثل: «تكبرت! ما جبنا ولا فشلنا، ولكنا آثرنا أن نأتيك بالأنباء، ونحن صائرون إلى ما تحب، وعائدون إن شئت إلى تلك الأصنام لنقيم في غير مقام، ونستقر في غير مستقر؛ فذلك أهون علينا وآثر عندنا من غضبك.»

قال إبليس: «فأين النساء؟»

قال الشخص الماثل: «تكبرت! كن أشجع منا نفوسا، وأقدر منا على الاحتمال، فآثرن البقاء فيما يكتنفهن من ضيق، حتى يبلغهن أمرك، أو يأتيهن الموت.»

ناپیژندل شوی مخ