كان الجلباب المتسع الذي ترتديه يعوق حركتها، ولكنها تفضله؛ لأنه يخفي تفاصيل جسدها، فتتعثر وهي تعمل المكنسة على الأرض الرملية الرطبة، أو تسقط على وجهها فجأة وهي تحاول أن تنتزع عشبة برية تطفلت على أزهار الحديقة. وهكذا، صراع مرير مع مفردات الواقع، وإذا ما حاولت «أمل» أن تريحها شفقة عليها، انتهرتها بصرامة: إنه بيتي وزوجي، وأنا امرأة البيت؟!
في نهاية الشهر انتظرت نقاط الدم الداكنة كالعادة، ولكنها شكلت غيابا تاما، وفي الأسبوع الأول من الشهر الجديد، اقتنعت يقينا بأنها ستنجب قريبا، بعد ثمانية أشهر ويومين، طفلة جميلة ستسميها «سارة محمد فتحي».
وستلعب معها في الحديقة وعند شاطئ النيل بين أشجار الحراز والمانجو، وستزرعان معا أزهار الياسمين والفل والورد البلدي، وستكتب اسمها على سوق التين الشوكي، وتعلمها القراءة والكتابة والموسيقى قبل أن تدخل المدرسة، ولن تتركها تلعب مع أطفال الشارع؛ حتى لا تفسد أو تؤذى، وكما غنت لها أمها وهي في المهد، ستغني لها:
ربو يا ربو
كلب العرب ربو
أمو تبكي وتشكي وتقول وين يا ولدي
العروس عايزة المنديل
المنديل عند الجهال
الجهال عايزين لبن
اللبن عند البقر
ناپیژندل شوی مخ