قالت مقاطعة وعلى عينيها بريق غريب وسحر أنثوي غامض: أنا سأخرج معك، هل توافق، ألست أنا أجمل منها، لقد كنت أجمل طالبة «بالكامبوني». ألديك مكان قريب من هنا؟!
سلمى لا يمكن أن تقول ذلك، مهما انحط سلوكها واحتقرت نفسها، وعندما تأتي سيحكي لها ويقول: إنكن - صنف النساء - منحطات. - اخرجي وحدك.
حملت مناديلها واندفعت خارجة، ومن فمها تسقط ألفاظا «شديدة العفونة».
نظر إلى ساعته، عشرين مرة في نفس اللحظة، وفجأة تذكر شيئا مفجعا، إنها لن تأتي؛ لأنه لم يعدها على أن يلتقيا هنا عند السادسة أو غيرها، بل لم يلقها منذ أسبوع مضى، فقط استيقظ عند الخامسة وبه إحساس قوي بأنه على وعد مع «سلمى» في المكان المعتاد عند السادسة، ولكنه الآن اكتشف أن الأمر ليس إلا خدعة أحاسيس حاكها عقله الباطني بخبث ومكر. لعن عقله ونفسه وأسماء أخرى وخرج.
في المدخل للميدان العام المواجه للمكان كانت تقف «سلمى» وخلفها صف من أشجار الجميز الضخمة القديمة، مرسلة جذورها المعلقة كأشطان المشانق، عندما رأته ابتسمت، توردت أسنانها البيضاء، ومثل فلة تفتقت محاجر مقلتيها عن عينين عسليتين مرحتين، منفعلتين كفراشتين في موسم التزاوج.
لقد انتظرته كثيرا قبل أن يأتي.
ولكنه مشقها بنظرة عابرة وجد في سيره قائلا لذاته وهو يهرب: لن يخدعني إحساسي مرة ثانية.
مهنته
وفي شارع مختبئ خلف السوق كانوا يقتعدون الحجارة وقوالب الطوب في صف ينتظم الطريق كلها، وعندما توقفت العربة الفارهة انزلقت منها امرأة حسناء ملساء نقية البشرة رشيقة كجنية، ترتدي بنطلون جينز وفانلة قصيرة الأكمام، في نهاية العقد الثالث من عمرها، جميلة، تصايحوا كالعادة: بياض ... مباني ... بياض ... سباكة ... بلاط ... حفر ... مسلح ... جناين ... عتالة ... حدادة ... بياض ... بلاط ... بلاط ... حفر ...
يشبه بعضهم بعضا؛ البشرة الجافة، الأوجه الباهتة، الأيدي الخشنة الغليظة، رائحة العرق الجاف التي أصلتها الشمس بأجسادهم.
ناپیژندل شوی مخ