دون أن تنتظر الآنسة فروي أي تشجيع من جانب آيريس، بدأت تروي قصة لم يكن القصد منها التخفيف من حدة توتر آيريس. كانت القصة مبهمة للغاية ولم تفصح عن هوية أبطالها، لكن الشاهد منها كان جليا.
شخصت امرأة معينة بالجنون، لكن بسبب لبس ما ، أخطأت عربة الإسعاف المنزل وأخذت عنوة امرأة إنجليزية لا تفقه كلمة واحدة من لغة البلد، وليس لديها أدنى فكرة عن وجهتها. في خضم انفعالها وهلعها عندما وجدت نفسها داخل مصحة نفسية خاصة، بدأت تتصرف باحتدام وعنف جعلهم يعطونها عقاقير مهدئة في بداية الأمر.
عندما اكتشفوا الخطأ، خشي الطبيب - الذي كان شخصا معدوم الضمير - أن يقر به؛ فقد كان حينها يمر بضائقة مالية، وخشي أن يدمر ذلك الخطأ سمعته؛ لذا نوى أن يبقي السيدة الإنجليزية داخل المصحة لبعض الوقت ثم يفرج عنها بعد أن يقر بأنها شفيت رسميا.
قالت الآنسة فروي وهي تستدعي نبرة الأسى في صوتها: «لكنها لم تعلم أنها لن تظل حبيسة المصحة مدى الحياة. كان ارتياعها من الموقف سيقودها على الأرجح إلى الجنون حقا، لولا أن إحدى الممرضات كشفت خطة الطبيب بدافع الانتقام، لكن هل لك أن تتصوري ذلك الموقف العصيب الذي وقعت فيه تلك السيدة الإنجليزية المسكينة؟ حبيسة، لا أحد يسأل عنها، أو حتى يلاحظ اختفاءها، فهي مجرد سيدة أجنبية لا أصدقاء لها، تقضي ليلة في هذا النزل، وليلة في ذاك. لم تكن تفهم كلمة واحدة، ولم يكن بإمكانها أن تشرح ...»
قاطعتها آيريس قائلة: «رجاء توقفي. أستطيع تخيل ذلك كله، وبوضوح، لكن هل تمانعين أن نتوقف عن الكلام؟» «بالطبع لا. هل أنت على ما يرام؟ يصعب أن أعرف يقينا، فقد لفحت الشمس وجهك، لكني أظن أني رأيت وجهك يشحب مرة أو مرتين.» «أنا بخير حال، شكرا لك! لكن رأسي يؤلمني قليلا؛ فقد أصبت بضربة شمس خفيفة.» «ضربة شمس؟ متى؟»
كانت آيريس تعرف أنها مضطرة لإشباع فضول الآنسة فروي، فحكت لها باختصار عن النوبة التي تعرضت لها. في أثناء ذلك، كنت تجول ببصرها داخل المقصورة. كان من الواضح من وجوه ركابها التي خلت من التعبيرات أنهم جميعا لا يعرفون الإنجليزية، عدا واحدة.
لم تستطع آيريس أن تجزم بشأن البارونة. كان يرتسم على وجهها ذلك القدر الضئيل من الغباء الذي يميز الحكام الذين يولدون في السلطة، لا أولئك الذين يصعدون إليها بحنكتهم، لكن كان في عينيها بريق ذكاء فضح اهتمامها المستتر بقصة آيريس.
صاحت الآنسة فروي التي كانت تفيض عطفا: «يا لك من مسكينة! لم لم توقفيني عن الثرثرة من قبل؟ سأعطيك حبة أسبرين.»
مع أن آيريس كانت تكره أن تثير ضجة، شعرت بالارتياح عندما استطاعت أن تسترخي في مقعدها بينما تفتش الآنسة فروي في محتويات حقيبتها.
قالت بحسم: «أظن أنه من الأفضل ألا تتناولي عشاءك في عربة المطعم. سأحضر لك بعض الطعام إلى هنا فيما بعد. والآن، تناولي تلك الأقراص، وحاولي أن تنامي قليلا.»
ناپیژندل شوی مخ