كان يقول باستبشار: «إن عجلت بالعودة إلى عربة الطعام يا هير، فلربما شرحت للنادل أن وجبة السمك قد فاتتنا.» «لكنه سيدعي أنها لم تعد طازجة؛ فهم مضطرون للتعجيل بالعشاء الثاني قبل أن نبلغ ترييستي.»
طقطق البروفيسور. «في تلك الحالة، يجب أن نعود على الفور. هلا سبقتني وطلبت لنا حصتين إضافيتين من اللحم، فنحن ذهبنا دون أن نتناول وجبة السمك؟» «ليس ذلك خطأهم؛ فنحن من ذهبنا وتركنا وجبة السمك، لكني سأرى ماذا بإمكاني أن أفعل بهذا الخصوص.»
تريث هير والتفت إلى آيريس في شيء من التردد، وسألها: «هل تمانعين؟»
أجابته بضحكة هيستيرية؛ إذ خطر لها فجأة أن البروفيسور مع كونه واثقا في قدرته على إدارة تحقيقها، لا يسعه المخاطرة بموهبته اللغوية حينما يكون المعني مصلحة حيوية.
ثم قالت: «عد بالله عليك؛ فلا شيء يهم أكثر من العشاء، أليس كذلك؟»
استاء البروفيسور الذي كان وجهه قد تهلل عند ذكر الطعام من عتابها. مع أنه كان يتضور جوعا، شعر أنه مضطر للدفاع عن حس العدالة الدقيق المعروف عنه.
سألها: «هل أنت منصفة؟ لقد دفعنا ثمنا باهظا لقاء تلك الوجبة؛ لذا من حقنا المطالبة بجزء منها على الأقل. كما أنك لا تنكرين حتما أننا لم ندخر وقتا أو وسعا في محاولة إقناعك بخطئك.»
هزت رأسها نفيا، لكن عبء يأسها ألجم لسانها. بدا لها أنه لم يعد بيدها أن تفعل أي شيء آخر لمساعدة الآنسة فروي، فأي محاولة تدخل لن تجدي نفعا، بل ستعرضها لردة فعل انتقامية.
لم يكن خوفها من نفوذ الطبيب نابعا من الجبن فحسب، بل أيضا من المنطق؛ فلكونها الوحيدة على متن القطار التي تصدق في وجود الآنسة فروي، يحتم المنطق أنها لن تفيدها إلا وهي حرة الإرادة.
فرصتها الوحيدة تكمن في إقناع البروفيسور أن ثمة حاجة حقيقية لمتابعة التحقيق. هي لا تحبه، لكنه يمتلك تلك الخصال التي لها وزن في مثل تلك الأزمة؛ فهو عنيد، وعطوف، لكن ذو رباطة جأش، ولا يحيد عن الإنصاف. إن تأكد له فعليا أنه محق، فليس بوسع شيء أن يهزه، وسيسعى بمثابرة لنيل غايته رغم أنف أي معارض.
ناپیژندل شوی مخ