التفت إليها الطبيب وتحدث بنبرة مطمئنة معسولة. «يا فتاتي العزيزة، ألا ترين أن إحراق ممرضتي المسكينة تصرف متهور للغاية؟ هي لم تفعل سوى أنها عرضت عليك قرص دواء لا ضرر منه لتخفيف ألم رأسك. أترى كيف يتشنج وجهها يا بروفيسور؟»
تراجعت آيريس عندما لمس جبهتها بسبابته الباردة ليبين قصده.
فجأة، تذكرت أنه عندما يكون المرء على وشك أن يخسر لعبة دفاعية، يكون الهجوم هو أمله الوحيد. استجمعت شجاعتها، وتمكنت من الحديث بصوت هادئ. «لا يسعني أن أتأسف بما يكفي بشأن ذلك الحرق. لا يغفر لي أن أقول إنني كنت في حالة من الهلع، لكن لدي ما يبرر حالتي تلك؛ فثمة أمور كثيرة جدا لا أفهمها.»
قبل الطبيب التحدي.
سألها: «أمور مثل ماذا؟» «حسنا، أخبرني البروفيسور أنك عرضت أن تصحبني إلى دار رعاية في ترييستي.» «وهو عرض لا يزال قائما.» «لكن يفترض أنك تهرع بمريضة إلى المستشفى لإجراء عملية خطيرة لها، فكيف يتسنى لك أن تشغل نفسك بغريبة؟ ذلك يدفع المرء للتشكك في خطورة إصاباتها، أو في أنها تعاني أي إصابات على الإطلاق.»
داعب الطبيب لحيته. «قدمت عرضي ذلك لا لسبب سوى إعفاء البروفيسور من مسئولية ثقيلة على نفسه، مسئولية تقع في مجال اختصاصي لا في مجال اختصاصه، لكني يؤسفني أن أخبرك أنك تبالغين في تقدير أهميتك. كانت نيتي هي أن أمنحك مقعدا في عربة الإسعاف التي ستصحبنا للمشفى، وبعد أن نصحب مريضتنا للداخل سيتبع السائق التعليمات ويصحبك إلى دار رعاية أوصيت بها. لم يكن ذلك من أجل أن تلقي رعاية متخصصة، بل كي تحظي بقسط جيد من النوم لتتمكني من متابعة رحلتك في اليوم التالي.»
بدا العرض منطقيا للغاية، فلم يسع آيريس إلا أن تتراجع وتطرح سؤالها التالي. «أين الممرضة الأخرى؟»
سكت البروفيسور طويلا قبل أن يجيب. «لا يوجد سوى ممرضة واحدة.»
عندما تطلعت آيريس إلى وجهه الجامد الذي عززته لحيته السوداء المدببة، أنبأها حدسها أن الاعتراض سيكون غير ذي جدوى؛ إذ سيسفر عن النتيجة نفسها؛ الإنكار من جميع الجوانب. فلن يكون أحد سواها قد رأى الممرضة الثانية. وبالمثل، لن يصدق أحد أن توقيع الآنسة فروي أصلي. هذا إن لم تمحه قطرات البخار.
توجه الطبيب إلى البروفيسور بالحديث.
ناپیژندل شوی مخ