فقلت وأنا أتمزق: لا أستطيع يا مولاتي!
فنفخت مغيظة محنقة، وهتفت: إنك تستحقين العقاب، ولكنك جديرة بالإعجاب أيضا، فلتواجها مصيركما بحكمتكما، ولتكن مشيئة الآلهة!
وصرفتني مكفهرة الوجه، فعدت إلى جناحي سعيدة رغم الحداد، وانهلت بالقبل على وجه ميريتاتون الصغير. وما لبث حبيبي أن رجع من رحلته بقامته الطويلة النحيلة وأنسه المبدد للظلمات، فهرعت إليه وعانقته بكل قوة حبي، وتفرس في وجهي وقتا ثم قال بطمأنينة: أخيرا جاء الحب يا نفرتيتي!
فأذهلني قوله وعزاني، وقلت متلعثمة: إني أحبك من قبل أن تراك عيناي.
فقال باسما: ولكنك لم تحبيني كزوج إلا هذه المرة!
فأذهلتني قدرته على قراءة القلوب فلم أنبس. ومثل أمام جثة أبيه قبل الدفن، ورجع إلي بأثر البكاء في عينيه، ثم قال كالمعتذر: الموت يهزني حقا، ثم إنني لم أحبه كما يجب!
وجلسنا على العرش في جو مليء بالتربص والتحدي، وسرعان ما تجلت قوة حبيبي الكامنة كأعظم ما تكون القوة. وبدأ بعرض دينه على رجاله، فأعلنوا إيمانهم به. ولم أشك أنا في صدقهم قياسا على نفسي، ولكن الأحداث أثبتت أن أكثرهم لم يكونوا صادقين، أو أن إيمانهم لم يبلغ درجة التضحية بالنفس، باستثناء مري رع الكاهن الأكبر. ولا أشك اليوم في أن بصيرته الصافية لم تخدع بهم، وأنها نفذت إلى أغوار قلوبهم، ولكنه كان يؤمن دائما بأن الحب كفيل بهداية الجميع في النهاية، وأنهم سيعبرون مرحلة الإيمان السطحي إلى الإيمان الحقيقي عندما يأزف الوقت، وكما فعلت أنا في علاقتي الزوجية به، بل أقول أكثر من ذلك بأن نفرا منهم اقتنعوا بعدم أهليته للعرش، فحلموا بأن يخلفوه في ذروة الأزمة، منهم حور محب، بل منهم أبي آي نفسه. وليس الحدس مرجعي الوحيد في تصوري هذا، ولكني استخرجته بفطنة من بعض المواقف، أو فيما عرض من حوار مثير في أيام الهزيمة؛ لذلك أراحني جدا اختيار الكهنة لتوت عنخ آمون دونهم، وإن كنت أشك في أنهم يئسوا حقا من تحقيق أحلامهم بطريقة أو بأخرى. على أي حال بدأ حكمنا في ذلك الجو المتوتر، ولكننا كنا سعداء رغم كل شيء، وأخذت ميريتاتون تحبو على حين تكونت ثمرة جديدة في بطني نتيجة للحب الكامل هذه المرة. ولم يعرف امرأة غيري رغم أنه ورث حريم أبيه كما تقضي التقاليد، وفيه الميتانية الجميلة تادوخيبا.
وزارتنا الملكة الوالدة تيى، فتوقعت متاعب من نوع ما. وصح ظني، فقالت لابنها على مسمع مني: أيها الملك، إنك تهمل الحريم ...
فقال زوجي ضاحكا: إني موحد في الحب كما في الدين!
فقالت بجدية: ولكنك مطالب بالعدل. ولا تنس تادوخيبا ابنة صديقنا توشراتا؛ فهي تستحق الرعاية إكراما لأبيها ...
ناپیژندل شوی مخ