377

عدل او انصاف

العدل والإنصاف للوارجلاني

ژانرونه

على قلبه حب ربه، واستأنس بذكره في الخلوات ووثق باشغافه المهمات وغلب نور قلبه على نور بصره. فأبصر الدنيا خيالا والآخرة مثالا وتعرف مع ذلك المزيد في المواطن وكان معه في جميع الأماكن حتى كأنه يناجيه عند عمه ويناغيه عند غمه. وفي هذه الصفة الحديث الطويل الذي رواه أبو هريرة وأسامة بن زيد عن رسول عليه السلام حين ذكر أهل العلم الانقطاع إلى الله فقال: «لباسهم الخرق، ومسكنهم العلق، تعرفهم بقاع الأرض. إذا حضروا لم يعرفوا،/ وإذا غابوا لم يفتقدوا» (¬1) . وفي المعرفة معنى الفطنة وعلم تقدمه علم ، فلذلك لا يسوغ على البارئ سبحانه إن يقال عارف، بل عالم. قال الشاعر:

... فلولا الله يحفظ عارفيه ... ... لهام العارفون بكل واد

فهذه الدرج الخمس التي ذكرناها رتب الأنبياء والسابقين والصديقين فمجاهدة الملائكة المقربين في جلال الجبروت مخافة ما ينفتح عليهم ويشغلهم عن عجائب الملكوت. ومجاهدة الأنبياء والمرسلين في عجائب الملكوت مخافة ما ينفتح عليهم ويعين عليهم في أبواب الخطرات، ومجاهدة السابقين المخلصين في أبواب الخطرات مخافة ما ينفتح عليهم من الوسواس والهمزات. ومجاهدة الصديقين المحسنين في الوسواس والهمزات مخافة ما ينفتح عليهم من/ أبواب الشبهات. ومجاهدة المتقين الموقنين في أبواب الشبهات مخافة ما ينفتح عليهم من أبواب الأماني والشهوات. ومجاهدة الصالحين المؤمنين في أبواب الشهوات مخافة ما ينفتح عليهم من المعاصي والحرمات. ومجاهدة الموحدين الطالحين في المعاصي والحرمات مخافة ما ينفتح عليهم من الإشراك والعبادات.

مخ ۳۷۹