زعم أهل الظاهر أنه لا يعتد إلا بإجماع الصحابة، وقد انعقد الإجماع في زمانهم. وليس لمن بعدهم أن يجتمعوا ولا أن يختلفوا. وقال بعضهم: بل الإجماع إجماع اصحاب الفروع. وقال بعضهم: بل الإجماع إجماع الأئمة وولاة الأمور. وقال بعضهم: بل الإجماع إجماع أهل المدينة. وقال بعضهم: حتى تجتمع جميع الأمة. فليت شعري أبأبدانهم أو بآرائهم؟ والذي يعتد به من أصناف العلماء في اجتهاد الرأي وفي الإجماع العلماء أولهم العارفون بكتاب الله عز وجل، وبفنون التفسير، وبالسنن وفنونها، وبالأصول، وهو الكلام وفنونه، وبالفقه وفنونه، وأعني في هذا كله المشهور المأثور/ لا الشاذ المغمور. وكل فن من هؤلاء ممن لا يحسن إلا فنه فلا يعتد بإجماع
هؤلاء ولا اختلافهم، لأنهم في نمط العامة ولا سيما أنهم رواة. فأما أصحاب أصول الفه فلهم حظ في الاجتماع والاختلاف ما لم يكونوا جفاة عن الدين.
وإن أطبقت الأمة عن الشيء فهو إجماع سواء كان قولهم بتقييد أو بتقليد والجافي هو الذي ذهب به فنه ومذهبه عن سنن القصد.
وقد أبهم الشيخ أبو الربيع سليمان بن يخلف (¬1) صفة المجتهد وقال كما قدمنا: أن يكون عارفا بكتاب الله ومعانيه، وبسنة رسول الله عليه السلام وبمعانيها، وآثار الصالحين من قبله (¬2) . فهذا كلام مجمل، والتفصيل كما قلنا ونقول:
تفصيل صفة المجتهد
مخ ۲۵۰