واحد، أعني في تعاقبهما وإن كان واحد منهما لا يختلف عن موجبه. أما الوجوه الثلاثة فلا يختلف فيها هذا المعنى/ الذي ذكرناه فيها من أن الأمر إذا زال زالت الطاعة وزال الثواب، والنهي إذا زال زالت المعصية وزال العقاب. وإنما التنازع في خبرهما. فمن منع النسخ فيها فإنما أبطل اللفظ وأوجب المعنى؛ لأنه يقول: إذا زال الثواب زال الخبر من حين زوال الثواب وإذا زال العقاب زال عنه الخبر منحين زال العقاب بل أعقبه ضدهما، وليس في تسمية من سماهما نسخا ما يبطل حكما ولا يوجب كذبا؛ لأن صاحبه قد أتى بمعناه ولم يكذب.
فصل
والنسخ في الأخبار كما قدمنا، قد أجازه بعض وأبطله بعض. فحجة من أبطله أن الخبر الأول مكذب للخبر الآخر، والكذب في أخبار الله عز وجل محال. وهذا ليس بشيء؛ لأن هذا القائل يقول: الخبر يوجب الثواب على هذه الطاعة قد جاء فلما نسخ الأمر زال. ولا يزول إلا بضده، وليس كل واحد من/ الخبرين مكذب للآخر في قوليهما، لأنا نقول إن زمان استقبال بيت المقدس مأمور باستقبالهما ومستقبلها مطيع ومثاب ومخبر أن له ثوابا. وفي زماننا هذا أن مستقبل بيت المقدس منهي ومعاقب ومخبر أن له عقابا. وأما ما يروى عن الشيخ أبي الربيع سليمان بن يخلف رضي الله عنه فيمن أجاز النسخ في أخبار الله تعالى أنه مشرك (¬1) ، فهذا عموم يجوز أن يكون يريد من أجاز النسخ فيما لا يجوز فيه النسخ من أخباره عز وجل كقوله: { إنما الله إله واحد } (¬2) وقوله: { لا إله إلا الله } (¬3) وجميع ما ذكره من أمور الآخرة الآتية وأمور الدنيا الكائنة وجميع ما أخبر به عن النبيين والمرسلين وأخبار الأمم مع أنبيائها. فهذا كله من أجاز فيه النسخ فمشرك. وأما من أجاز النسخ في الأخبار التي تتعاقب على الأمر والنهي إذا وجب أو
مخ ۲۱۴