اعلم أن دليل الخطاب يقتضي نفي الحكم عما عدا الصفة المتعلق بها ثبوته. وقد قال بدليل الخطاب الشافعي وكثير من الأشعرية وأصحاب مالك وأهل الظاهر.
وقال أبو عبيدة: إنا وجدنا العرب إذا علقت الحكم بإحدى صفتي الشيء مما له صفتان مختلفتان تجد ما عدا ذلك الحكم بخلافه. وقال بهذا المذهب ثعلب والمبرد. وأجاز بعضهم القول به في الغاية والشرط وأما الصفة فلا. وأجازه بعضهم في الصفة مع ما تقدم ومنعوه في الاسم وأجازه/
بعضهم في الكل وفي حروف الحصر والتوكيد. واستدل من منع هذا بدخول الاستفهام عليه. لأن الله عز وجل قال: { ومن يقتل مؤمنا ....... جهنم } (¬1) . ويحسن الاستفهام على المخطيء ولو دل عليه الكلام لقبح الاستفهام.
قلنا: وليس في الاستفهام ما يدل على شيء. ودليل الآخرين أن الله عز وجل قال: { وربائبكم .... نسائكم } (¬2) ألا ترى إلى إخراج الربائب اللاتي ليست في حجورهم من التحريم مع ظهور الشرط في الآية، ومع ذلك لم تستعمل الأمة دليل الخطاب. فأوجبوا التحري به كإيجابهم التحريم في التي في حجره. وضعفت الأمة دليل الخطاب إلا ما روى عن علي بن أبي طالب من طريق عاصم بن أبي ضمرة وله أمثالها (¬3) . وهو قول داوود الظاهري.
وأما تعليق الحكم بالغاية/ كقوله تعالى: { قاتلوا الذين...... الآخر } إلى أن قال: { حتى .... صاغرون } (¬4) . فأوجب حكم القتال إذا عدم إعطاء الجزية ودليل الخطاب ألا يقاتلوا إذا أعطوا، فعلق الحكم إلى الغاية، وانتفى ذلك الحكم بحصول الغاية عما عداه.
مخ ۱۷۰