بك عنن العنن ومنن المنن عن سنن السنن، والإفتتان في غير فن. ونعوذ بك من حيرة الحصر وفضول الهدر، والإنهمار في غير بر، وعافنا من العفو والعافية ومن آثار القافية، وارزقنا العفو والعافية في الدنيا والآخرة. ولا تكتبنا في ديوان الأشقياء ولا تحرمنا عوايد الأتقياء، وحطنا حياطة الأولياء، واكفنا كفاية الأكفياء، إنك على كل شيء قدير. وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم تسليما والحمد لله رب العالمين.
وصية جامعة لأهل الأدب والنهى والطلب
ونريد أن نقدم ها هنا بابا من الأدبيات لطلب العلم.
إعلم أن طلاب العلوم تدعوهم أنفسهم أولا لتحقيق مآربهم وتصحيح مطالبهم، فإذا دخلوا فيها وتوغلوا وارتقوا إلى المناظرة دعتهم أنفسهم إليها فنعما رأوا. حتى غذا حصلوا وجمحت بهم أنفسهم إلى المجادلة في الميزان الشهي الرضي، لا قتل ولا قتال ولكن الغلبة والنضال. واعتقاد النفوس فيها الدب عن الدين. والدعاء إلى الحق المبين.
حتى إذا غالتهم الغول، وذهب بهم القول ، نشبوا فغلوا وطغو وبغوا غلا المحسنين { فأولئك ما عليهم من/ سبيل } (¬1) وقيل ما هم. فالمذاكرة من شأن الطلبة المجتهدين. والناظرة هي دأب الفقهاء المحققين. والمجادلة ديوان السفهاء الجاهلين إلا المحسنين. قال الله تعالى: { ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن } (¬2) وقال: { إن جادلوك فقل: الله أعلم بما تعملون } (¬3) وقال لرسوله عليه السلام: { وجادلهم بالتي هي أحسن } (¬4) وعني بالتي هي أحسن: البلاعة في المقال، والمناصحة في الفعال، والأعراض عن النضال.
وقد قال الله عز وجل: { وكان الإنسان أكثر شيء جدلا } (¬5) ذما مطلقا لا حمدا مواثقا.
مخ ۱۲