عدل الهي او د هغه پر مخلوقاتو اغیز
العدل الإلهي وأين أثره في المخلوقات
ژانرونه
لقد جئنا في المقال السابق بحكاية «تشارلس ديكنز» وما كان معه من أمر هذه الرواية، رواية
The Mystery of Edwin Drood
وكيف أتمها «ديكنز» وهو في العالم الآخر، وكيف طلبت روح الكاتب الإنكليزي الشهير من الصبي «جيمس» الوسيط أن يساعده بيده على إنهاء هذه الرواية، وكيف أمره جماعة العلماء في أمريكا أن يطيع أمر الروح، ويستمر على الكتابة بوحيها وعملها وإرادتها ما تريد، وكيف أنه أتمها فكانت طبق الأصل؛ حيث بدأ «ديكنز» إتمام روايته من حيث انتهى وهو في هذه الحياة الدنيا، فكان الخط خطه، والخطأ في هجاء بعض الألفاظ، وفي الإنشاء وفي التراكيب هو هو بعينه، وبمضاهاته ومقابلته بخط «ديكنز» وكتابته وأسلوبه لم يجدوا من فرق.
أما الرواية، فقد طبعت بعد أن أكملها «ديكنز» على يد الوسيط «جيمس»، وهي قسمان: قسم كتبه الرجل في حياته، وقسم آخر أتمه روح «ديكنز» على يد هذا الوسيط بعد مماته، وهي معروفة مقروءة، تدحض حجة الذين يجحدون ما بعد الطبيعة، وتذهب بمزاعم منكري الأرواح وأعمالها، أفبعد هذا دليل يقوم أو برهان ينهض؟ وهل بعد الذي علمناه من أمر هذا الحادث التاريخي العظيم ينكر المفكرون عالم الأرواح؟ اللهم إن هذا دليل على صدق المذهب الروحاني، وحقيقته ومتانته وتأسيسه على قواعد قوية، ودعائم هي غاية في المتانة، وعلى الذين يجحدون أو يشيحون بوجوههم عن ذلك أن يأتوا بما ينقض ذلك نقضا علميا خالصا لوجه العلم.
وما حدانا إلى كتابة ما كتبناه من هذه الحكاية إلا تقدمة للقارئ، نمهد بها لما سنظهره عليه من رأي غاليلي في عظمة الكون، وقد أدلى به من العالم الآخر، ولقد مهدنا لرأيه بهذا التمهيد؛ كي يذهب الشك من نفوس المشككين، وتنزع الريبة من قلوب المعطلين، وحتى لا ترمي بسنة غفلة أو جهالة معرفة في تدليلنا على عظمة الكون تدليلا علميا صحيحا.
وفي سنة 1862 و1863 ميلادية وقع حادث تاريخي عظيم اهتم به الناس جميعا وأصحاب المذهب الروحاني خاصة، وذلك أن جمعية الوسطاء الروحانية الباريسية بينما كانت تجري أبحاثها وتجاريبها هناك، ظهر روح غاليلوس على يد وسيط منهم، فانتهزت الجماعة هذه الفرصة، وسألته عن الكون وعظمته، فأخذ يدلي برأيه على يد هؤلاء الوسطاء بالتناوب حتى جاء بالعجب العجاب، نقتطف منه ما يهم القارئ، قال: «أفضل تحديد أطلق على الفضاء أنه مسافة تفصل ما بين جرمين، فاستنتج بعض المعطلين من هذا التحديد أن لا وجود للفضاء حينما انتفى وجود الأجرام، وإلى هذا المبدأ أسند بعضهم رأيهم في ضرورة تناهي الفضاء، وعدم إمكان تسلسل أجرام محدودة إلى ما لا نهاية له، على حين أن الفضاء لفظة تدل على معنى مفهوم في ذاته لا يحتاج إلى تعريف، وما قصدي بهذه المقالة إلا أن أبين لكم عدم حده وتناهيه.»
أقول: إن الفضاء لا حد له بدليل أن من المستحيل تصور حدود تحده، فأسهل لنا - مع ما نجد من الصعوبة في استيعاب اللانهاية - أن نسير بالفكر أبديا في الفلاة من أن نتصور موقفا لا مساحة بعده نجول فيها، وإن شئنا أن نمثل في ذهننا المحدود عدم تناهي الفضاء فلنتصور أنفسنا طائرين من الأرض نحو إحدى جهات الكون بسرعة الشرارة الكهربائية التي تقطع في الثانية ألوفا عديدة من الفراسخ، فبعد طيراننا بثوان قليلة لا تعود الأرض تتراءى لنا إلا ككوكب حقير ضعيف النور جدا، وبعد قليل تتوارى عن نظرنا بالكلية، والشمس ذاتها لا تلوح لنا إلا كنجم حقير متوغل في أقاصي الفلا، وعوضها تتجلى لأعيننا نجوم عديدة لا نكاد نميزها من المحطة الأرضية ، وإذا لبثنا طائرين بالسرعة ذاتها، فنقطع في كل هنيهة عوالم متجمعة، وسيارات ساطعة، وبقاعا زاهية، نثر فيها الله العوالم كما نثر الزهور في المروج الأرضية.
على أنه لم يمض على سفرنا إلا دقائق قليلة، ومع هذا فقد نأينا عن الأرض ملايين في ملايين من الفراسخ، وشاهدنا ألوفا في ألوف من العوالم، أما لدى التحقيق فإننا لم نخط بعد ولا خطوة واحدة في الكون، وإذا استقام سفرنا البرقي لا دقائق ولا ساعات بل سنين وأجيالا وألوف أجيال وملايين في ملايين في ملايين من العصور والدهور، فلا نكون مع هذا قد خطونا ولا خطوة واحدة في طريقنا، وذلك إلى أي صوب اتجهنا، وأية نقطة انتحينا من تلك الذرة الحقيرة التي بارحناها وأنتم تدعونها أرضا، هذا ما عندي من تعريف الفضاء.
1
الزمان: وأما الزمان فهو كالفضاء لفظة معبرة بنفسها غنية عن التحديد، وقد يسوغ أن ندعوه تعاقب الأشياء، وهو مرتبط بالأبدية ارتباط الأشياء باللانهاية، فلنتصور أنفسنا في بدء عالمنا؛ أي في عصر بدأت فيه الأرض تتبختر تحت النفحة الإلهية، وبرز الزمان من مهد الطبيعة السري فقبلها كانت الأبدية سائدة ساكنة، والزمان يجري مجراه في عوالم أخرى، ولما برزت الأرض إلى حيز الوجود استبدلت فيها الزمان بالأبدية، وأخذت السنون والقرون تتعاقب على سطحها حتى اليوم الأخير؛ أي ساعة تبلى الأرض من العتق وتنمحي من سفر الحياة. ففي ذلك اليوم يبطل تعاقب الأشياء، وتزول الحركات الأرضية التي كانت مقياسا للزمن، وبزوالها يزول الزمان أيضا، فينتج من هذا أن الزمان يتولد من تولد الأشياء، وينقضي بانقضائها، وهو بقياس الأبدية كنقطة سقطت من عباب الجو في أبحر الدأماء، فتختلف الأزمنة على اختلاف العوالم وخارج هذه التعاقبات الفانية تسود الأبدية وحدها، تملأ بضيائها فلوات الفضاء غير المحدودة، ففضاء لا حد له، وأبدية لا قرار لها هما الخاصيتان العظيمتان للطبيعة العامة.
ناپیژندل شوی مخ