عدل الهي او د هغه پر مخلوقاتو اغیز
العدل الإلهي وأين أثره في المخلوقات
ژانرونه
وإنما الوجه في ذلك والصواب المعقول أن الإنسان هو الذي يخلق الشر، وأنه مبعث المفاسد، وموئل الرذائل، ومصدر الظلم بحسب اتصافه به وظهوره منه.
أما أن يخلق الله - جلت حكمته - الناس كاملين خيرين بعيدين عن كل نقيصة، فإنما هذا لا يكون مع الحكمة الإلهية العالية، وليس ما يساكن وجداننا، ويلازم أفكارنا من فكرات «وشطحات» ليس هذا من الحكمة في قليل ولا كثير، وإنما أراد الله بحكمته وعظمته وتدبيره أن لا يعطي المخلوق الكمال مجانا وجزافا، ولو فعل سبحانه وتعالى لما استطاع الإنسان أن يقدر هذه النعمة حق قدرها، ولا وجد فيها لذة صحيحة ممتعة.
فكما أنك لا تستطيع أن تقدر الصحة حق قدرها، وتعرف لها قيمتها - والصحة تاج على رءوس الأصحاء لا يراه إلا المرضى - فكذلك أيضا أنت غير قادر على تقدير قدر هذه النعمة - نعمة الكمال - إلا بالكد والجد والنشاط للعمل.
بل لو كان المولى - جل شأنه - قد وهبنا الكمال بادئ بدء، وتركنا في كمالنا على هذه الحال، إذن لتعطلت الحياة، ووقفت الحركة العامة الناتجة عن ترقي العوالم والكائنات، وأصبح هذا الكون خاثرا بائرا، لا حركة فيه ولا حياة.
وإنما أراد الله تعالى - بحكمته ولطفه - أن تكتسب النفس كمالها بجدها وعملها، وأطلق لها حرية مخيرة تميز بين الخير والشر، وتدرك غايتها بسعيها وجدها وكدها.
هذه حكمة المولى، ونحن ما زلنا في هذه الحياة نتلمس الحقيقة من منابع العلم ومناهله.
حقائق الأشياء
انتهى بنا الحديث في الكلمة السابقة عند حد القول بأن لله حكمة في خلق المخلوقات ناقصة أنفسهم، محتاجة أرواحهم إلى الكمال بالجد والعمل والكد، وقلنا: إن الله - جلت قدرته - لو كان قد خلق المخلوقات كاملة تامة لا يعوزها الجد والنشاط والعمل لإدراك كمالاتها؛ لما كنا نشعر بلذة الحياة الأبدية والسعادة الحقيقية. انظر كيف تعيش طوال حياتك والصحة تلابسك والعافية تحدوك، ولكنك لا تقدر هذه الصحة قدرها، ولا تحس بلذة هذه العافية إلا بعد أن تذوق ألم المرض.
ولقد يخامر بعض الناس الشك في حكمة الخالق - جل وعلا - إذ يولون وجوههم شطر عالم الحيوان، وما ينتابه من وحشية وفوضى، وتسلط القوي على الضعيف، واجتياح الشديد كل ما يقع عليه نظره من هزيل مسكين، هنالك حيث يقع ما يسمونه تنازع البقاء وبقاء الأنسب.
على أنا قد أسلفنا القول بأننا ننظر في حكمة المولى بعيوننا، ونريدها أن تكون على أقيسة أدمغتنا، ولكن عقولنا الهيولانية هذه ضئيلة ضعيفة، لا تقوى على إدراك كنه حكمة الخالق، وإننا بحاجة إلى حاسة أخرى غير الحواس التي ألفناها واعتدناها، حاسة روحانية عالية تساعدنا على الوصول إلى إدراك ذلك. فإذا نظر الإنسان بعقله الضعيف الضئيل هذا إلى ما في عالم الحيوان من تناحر للبقاء، وتنازع على العيش، وقتل القوي كل ضعيف تقذف به الظروف أمامه؛ ليقتات به، وليحفظ كيانه هو من فريسته هذه، قال في نفسه: وأين الحكمة الإلهية إذن في هذه الفوضى؟ وأين العدالة التي يدعونها ويترنمون بها؟ نقول: والرأي عندنا أننا نعيش مع الوهم في كل ما يعتورنا في هذه الحياة وفي أنظمتنا وأقيستنا ومعلوماتنا ومعارفنا، نقول: إننا في كل ذلك نعيش مع الوهم والوجدان أكثر مما نعيش بالتحقيق والعقل؛ فإن القوة الواهمة غالبة علينا، وإن تيار الوجدان متحكم فينا، يقع نظرنا على إنسان يذبح طيرا أو كبشا فيجسم لنا الخيال ما يكون لهذا الحيوان من شديد الألم، وبالغ الشقاء، والرأي عند بعض الفلاسفة أن الذبح لا يؤلم أبدا؛ لأن الذبيح يؤخذ فينسى نفسه.
ناپیژندل شوی مخ