قال: «أين هي الآن؟»
قالت: «هي في قباء على مقربة من هذا المكان.»
قال: «هيا بنا إليها. هل ترافقنا يا محمد؟»
قال: «إني في خدمتك حيثما سرت، وإذا رأيت أن أقوم بهذا الأمر دونك لما أنت فيه من المشاغل الكثيرة فعلت فتبقى أنت هنا.»
قال: «لا بأس من ذلك، ولكنني أخشى أن يكون مجيئي إليها واجبا وهي امرأة في مرض شديد تجب علينا إغاثتها.» قال ذلك ومشى نحو البيت يلتمس فرسه، ومشى الاثنان في أثره ومحمد ينظر إلى أسماء خلسة لعله يستطلع شيئا من أمرها، وهي تطلب إلى الله أن يعجل علي في الخطى، ولكنه لم يمش قليلا حتى لقيه رجل مهرول وعليه أمارات البغتة، فقال له: «ما وراءك يا غلام؟»
قال: «لقد عاد المصريون إلينا بعد خروجهم.»
فقال: «وكيف عادوا وقد عهدناهم راضين بما وعدهم به الخليفة من الإصلاح؟»
قال: «لا أدري إلا أنهم عادوا إلينا غضابا، وهم ينتظرونك في فناء دارك.»
فقال علي: «لا حول ولا قوة إلا بالله!» وسار وهو يهز رأسه وينظر إلى محمد، وكان هذا في مثل حاله من العجب لما سمعه. فقال علي: «ما بال هؤلاء القوم لا يريحون لنا بالا؟! إني أرى مشكلتهم هذه لا تنحل إلا بفتنة تئول إلى الفشل، فوالله إنهم ليرومون أمرا عظيما أخشى منه اختلال الحال»، فقال محمد: «لا يخلو رجوعهم من أمر ذي بال.»
وأسرعا حتى أتيا بيت علي فرأيا الناس عند بابه زرافات ووحدانا بين فارس وراجل وقد علت ضوضاؤهم. فلما أشرف علي عليهم ترجل الراكبون وهرول الواقفون نحوه، وفي مقدمتهم رجل لا يزال بثياب السفر فحيا عليا فرد التحية وقال له: «ما الذي عاد بكم إلينا وكنا قد فضضنا بينكم وبين عثمان ووعدكم خيرا؟»
ناپیژندل شوی مخ